ذلك ، إنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم ( 1 ) ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون . انتهى . قال سعيد بن سويد : كان عبد الرحمن بن شريك إذا حدّث بذلك يقول : هذا والله هو التهتّك ( 2 ) . . وقال أبو إسحاق السبيعي : إنّ معاوية قال في خطبته في النخيلة : ألا إنّ كلّ شيء أعطيته الحسن بن عليّ تحت قدمي هاتين لا أفي به . قال أبو إسحاق : وكان والله غدّاراً ( 3 ) . وفِعل معاوية هذا ، يدلّ على شدّة تهاونه بالأوامر الإلهية الّتي تلزم المسلم باحترام العهود والوفاء بها ، كقوله تعالى : { وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهدَ كَانَ مَسؤولا } ( 4 ) ، وقوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَنِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أوْلَئكَ لاَ خَلَقَ لَهُمْ فِي الأخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَمَةِ وَلاَيُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ( 4 ) . قال الإمام عليّ ( عليه السلام ) في عهده لمالك الأشتر : " وإن عقدت بينك وبين عدوّك عقدة ، أو ألبسته منك ذمّة ، فحِطْ عهدك بالوفاء ، وأرعَ ذمّتك بالأمانة ، واجعل نفسك جُنّة دون ما أعطيت ; فإنّه ليس من فرائض الله شيء الناس أشدّ عليه اجتماعاً مع تفرّق أهوائهم وتشتّت آرائهم من تعظيم
1 - واعتراف معاوية هنا بالسبب الذي من أجله قاتل عليّاً ( عليه السلام ) يقطع عذر المعتذرين عنه بأنّه إنّما كان يقاتل للطلب بدم عثمان ! 2 - شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 16 / 46 . 3 - المصنّف - لابن أبي شيبة - 7 / 251 ، شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 16 / 46 ، تاريخ مدينة دمشق 59 / 150 ، سير أعلام النبلاء 3 / 147 ، البداية والنهاية 8 / 140 . 4 - سورة الإسراء : الآية 34 . 5 - سورة آل عمران : الآية 77 .