عليها الأتراك في صحّة استيلائهم على خلافة المسلمين ، وأطلقوا بسبب هذه الفتوى على أبي حنيفة لقب : الإمام الأعظم ! وعلى أيّة حال ، فإنّ الذهاب إلى نفي الكمال يتمّ فيما لو دلّ دليل على عدم إرادة نفي الصحّة ، وفي حال الاشتباه يكون المعوّل عليه هو فهم العرف ، وفهم المخاطَبين بالكلام ، وقد مرّ بنا ذكر شاهدين عن المسلمين بأنّهم فهموا من حديث النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( 1 ) : عدم جواز إمامة غير القرشي . . واللفظ الوارد في كلام الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) هو اللفظ نفسه الوارد في حديث النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، مع زيادة في التوضيح والبيان من باب مدينة علم المصطفى ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وعند حمل المجمل على المبيّن في الكلام يفهم منه بأنّ الإمامة لا تجوز لغير القرشي الهاشمي . كما أنّ تكرار كلمة : " لا تصلح " ، في كلام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قرينة لفظية على إرادة نفي الصحّة لا نفي الكمال ، كما يحاول ابن أبي الحديد أن يأوّل ذلك ، إلاّ أنّ الرجل لمّا أُحيطت مراكبه عزّ عليه أن يخالف أهل مذهبه فقال ما قال محاولا بذلك التوفيق بين الحقيقة والخيال ! أمّا الشيخ محمّد عبده فقد قال في تعليقته عن العبارة السابقة الّتي جاء بها الدليمي من النهج وهي قوله ( عليه السلام ) : " فنظرت في أمري ، فإذا طاعتي سبقت بيعتي ، وإذا الميثاق في عنقي لغيري " : هذه الجملة قطعة من كلام له في حال نفسه بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، بيّن فيه أنّه مأمور بالرفق في طلب حقّه ( ؟ ! ) ، فأطاع الأمر في بيعة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، فبايعهم امتثالا لما أمره النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) به من الرفق ، وإيفاء بما أخذ
1 - راجع مصادره في الهامش المتقدّم من الصفحة السابقة .