عند المناطقة أن تكون الأدلّة التي يواجه بها الخصم لغرض الاحتجاج عليه من المصادر التي يثق بها الخصم ويعتبرها ، لأنّ ذلك أقرب إلى إلزامه وإفحامه ، وأبلغ في الاحتجاج عليه لغرض إرغامه على الإقرار بخطإه وسوء طريقته . أمّا أن تكون أدلّة الاحتجاج من مصادر لا يثق بها الخصم ولا يعتبرها ، بل يثبت من جانبه وضعها واختلاقها بأدلّة المخالف نفسه ، فأنّى للمخالف والحال هذه أن يقنع خصمه بصواب ما يدّعيه ؟ ! بينما تجد في الجانب الآخر علماء مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) على العكس من ذلك تماماً ; فهم يثبتون دائماً صحّة مذهبهم ، وقوّة عقائدهم من كتب أهل السُنّة أنفسهم ، بل ومن المصادر المعتبرة عندهم ، ولم نجد إلى الآن مؤلَّفاً واحداً في مورد الاحتجاج مع المخالف يثبت صحّة مذهب التشيّع لأهل البيت ( عليهم السلام ) من كتب الشيعة أنفسهم ، وهي بين يديك ، تعدّ بالآلاف ، لا تجد فيها كتاباً واحداً ترد عليه مسألة الدور في الاحتجاج . وإن دلّ ذلك على شيء فهو يدلّ على قوّة وأصالة مذهب شيعة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، بخلاف مذاهب وفرق المسلمين الأُخرى الّتي ظهرت نتيجة الأحداث المؤلمة التي أعقبت وفاة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، والصراع الدموي الّذي جرى على الموقع الأوّل عند المسلمين منذ وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى نهاية خلافة العبّاسيّين ! ! والسبب في ذلك : أنّ التشيّع لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، ومن ثمّ للأئمّة من ولده ( عليهم السلام ) ، . إنّما بُذرت بذوره الأُولى ونمت مع بداية الدعوة تماماً ، بل بأوّل إنذار قام به النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتوجيه من الله عزّ وجلّ ، وهو إنذار عشيرته الأقربين . .