وقيل شخصه كما روي أن الحسن رضي اللَّه تعالى عنه كان يقول : اللهم صل على آل محمد : أي شخصه واستغني بذكره عن ذكر أتباعه . * ( وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) * ذلك ، أي غرقهم وإطباق البحر عليهم ، أو انفلاق البحر عن طرق يابسة مذللة ، أو جثثهم التي قذفها البحر إلى الساحل ، أو ينظر بعضكم بعضا . روي أنه تعالى أمر موسى عليه السلام أن يسري ببني إسرائيل ، فخرج بهم فصبحهم فرعون وجنوده ، وصادفوهم على شاطئ البحر ، فأوحى اللَّه تعالى إليه أن أضرب بعصاك البحر ، فضربه فظهر فيه اثنا عشر طريقا يابسا فسلكوها فقالوا : يا موسى نخاف أن يغرق بعضنا ولا نعلم ، ففتح اللَّه فيها كوى فتراؤوا وتسامعوا حتى عبروا البحر ، ثم لما وصل إليه فرعون ورآه منفلقا اقتحم فيه هو وجنوده فالتطم عليهم وأغرقهم أجمعين . واعلم أن هذه الواقعة من أعظم ما أنعم اللَّه به على بني إسرائيل ، ومن الآيات الملجئة إلى العلم بوجود الصانع الحكيم وتصديق موسى عليه الصلاة والسلام ، ثم إنهم بعد ذلك اتخذوا العجل وقالوا : لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَةً ) * ونحو ذلك ، فهم بمعزل في الفطنة والذكاء وسلامة النفس وحسن الاتباع عن أمة محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، مع أن ما تواتر من معجزاته أمور نظرية مثل : القرآن والتحدي به والفضائل المجتمعة فيه المشاهدة على نبوة محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم دقيقة تدركها الأذكياء ، وإخباره عليه الصلاة والسلام عنها من جملة معجزاته على ما مر تقريره . < صفحة فارغة > [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 51 ] < / صفحة فارغة > وإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِه وأَنْتُمْ ظالِمُونَ ( 51 ) * ( وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ) * لما عادوا إلى مصر بعد هلاك فرعون وعد اللَّه موسى أن يعطيه التوراة ، وضرب له ميقاتا ذا القعدة وعشر ذي الحجة وعبر عنها بالليالي لأنها غرر الشهور . وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي * ( واعَدْنا ) * لأنه تعالى وعده الوحي . ووعده موسى عليه السلام المجيء للميقات إلى الطور . * ( ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ ) * إلها أو معبودا . * ( مِنْ بَعْدِه ) * من بعد موسى عليه السلام ، أو مضيّه . * ( وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ ) * بإشراككم . < صفحة فارغة > [ سورة البقرة ( 2 ) : الآيات 52 إلى 53 ] < / صفحة فارغة > ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ( 52 ) وإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( 53 ) * ( ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ ) * حين تبتم ، والعفو محو الجريمة ، من عفا إذا درس . * ( مِنْ بَعْدِ ذلِكَ ) * أي الاتخاذ * ( لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) * أي لكي تشكروا عفوه . * ( وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ والْفُرْقانَ ) * يعني التوراة الجامع بين كونه كتابا منزلا وحجة تفرق بين الحق والباطل . وقيل أراد بالفرقان معجزاته الفارقة بين المحق والمبطل في الدعوى ، أو بين الكفر والإيمان . وقيل الشرع الفارق بين الحلال والحرام ، أو النصر الذي فرق بينه وبين عدوه كقوله تعالى : يَوْمَ الْفُرْقانِ ) * يريد به يوم بدر . * ( لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) * لكي تهتدوا بتدبر الكتاب والتفكر في الآيات . < صفحة فارغة > [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 54 ] < / صفحة فارغة > وإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِه يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا