هائل معها نار لا تمر بشيء إلا أتت عليه ، من الصعق وهو شدة الصوت ، وقد تطلق على كل هائل مسموع أو مشاهد ، يقال صعقته الصاعقة إذا أهلكته بالإحراق أو شدة الصوت ، وقرئ من « الصواقع » وهو ليس بقلب من الصواعق لاستواء كلا البناءين في التصرف يقال صقع الديك ، وخطيب مصقع ، وصقعته الصاقعة ، وهي في الأصل إما صفة لقصفة الرعد ، أو للرعد . والتاء للمبالغة كما في الرواية أو مصدر كالعافية والكاذبة . * ( حَذَرَ الْمَوْتِ ) * نصب على العلة كقوله : وأغفر عوراء الكريم ادخاره * وأصفح عن شتم اللئيم تكرّما والموت : زوال الحياة ، وقيل عرض يضادها لقوله : * ( خَلَقَ الْمَوْتَ والْحَياةَ ) * ، وردّ بأن الخلق بمعنى التقدير ، والاعدام مقدرة . * ( وَاللَّه مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ ) * لا يفوتونه كما لا يفوت المحاط به المحيط ، لا يخلصهم الخداع والحيل ، والجملة اعتراضية لا محل لها . < صفحة فارغة > [ سورة البقرة ( 2 ) : آية 20 ] < / صفحة فارغة > يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيه وإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا ولَوْ شاءَ اللَّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 20 ) * ( يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ ) * استئناف ثان كأنه جواب لمن يقول : ما حالهم مع تلك الصواعق ؟ وكاد من أفعال المقاربة ، وضعت لمقاربة الخبر من الوجود لعروض سببه لكنه لم يوجد ، إما لفقد شرط ، أو لوجود مانع وعسى موضوعة لرجائه ، فهي خبر محض ولذلك جاءت متصرفة بخلاف عسى ، وخبرها مشروط فيه أن يكون فعلا مضارعا تنبيها على أنه المقصود بالقرب من غير أن ، لتوكيد القرب بالدلالة على الحال ، وقد تدخل عليه حملا لها على عسى ، كما تحمل عليها بالحذف من خبرها لمشاركتهما في أصل معنى المقاربة . والخطف الأخذ بسرعة وقرئ ( يخطف ) بكسر الطاء ويخطف على أنه يختطف ، فنقلت فتحة التاء إلى الخاء ثم أدغمت في الطاء ، ويخطف بكسر الخاء لالتقاء الساكنين واتباع الياء لها ، ويخطف ويتخطف . * ( كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيه وإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا ) * استئناف ثالث كأنه قيل : ما يفعلون في تارتي خفوق البرق ، وخفيته ؟ فأجيب بذلك . وأضاء إما متعد والمفعول محذوف بمعنى كلما نور لهم ممشى أخذوه ، أو لازم بمعنى ، كلما لمع لهم مشوا في مطرح نوره ، وكذلك أظلم فإنه جاء متعديا منقولا من ظلم الليل ، ويشهد له قراءة أظلم على البناء للمفعول ، وقول أبي تمام : هما أظلما حالي ثمّة أجليا * ظلاميهما عن وجه أمرد أشيب فإنه وإن كان من المحدثين لكنه من علماء العربية ، فلا يبعد أن يجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه . وإنما قال مع الإضاءة * ( كُلَّما ) * ومع الإظلام * ( إِذا ) * لأنهم حراص على المشي ، فكلما صادفوا منه فرصة انتهزوها ولا كذلك التوقف . ومعنى ( قاموا ) وقفوا ، ومنه قامت السوق إذا ركدت ، وقام الماء إذا جمد . * ( ولَوْ شاءَ اللَّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأَبْصارِهِمْ ) * أي ولو شاء اللَّه أن يذهب بسمعهم بقصيف الرعد وأبصارهم بوميض البرق لذهب بهما فحذف المفعول لدلالة الجواب عليه ، ولقد تكاثر حذفه في شاء وأراد حتى لا يكاد يذكر إلا في الشيء المستغرب كقوله : فلو شئت أن أبكي دما لبكيته ( ولو ) من حروف الشرط ، وظاهرها الدلالة على انتفاء الأول لانتفاء الثاني ، ضرورة انتفاء الملزوم عند انتفاء لازمه ، وقرئ : لأذهب بأسماعهم ، بزيادة الباء كقوله تعالى : * ( ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) * . وفائدة هذه الشرطية إبداء المانع لذهاب سمعهم وأبصارهم مع قيام ما يقتضيه ، والتنبيه على أن تأثير