نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 906
بحق ، إنما المؤاخذة على من كان مستأذنا لترك الجهاد من المنافقين الأغنياء القادرين على إعداد العدة من زاد وراحلة وسلاح وغير ذلك ، ولا عذر لهم مطلقا ، وسبب استحقاقهم المؤاخذة : أنهم رضوا لأنفسهم بأن يكونوا مع الخوالف من النساء والصبيان والعجزة والمرضى وأهل الأعذار الحقيقية ، وترتب على تقصيرهم وتقاعسهم أن طبع ( ختم ) اللَّه على قلوبهم ، حتى لا يصل إليها الخير ، ولا ينفذ إليها النور ، فهم لذلك لا يهتدون ، ولا يعلمون ما في الجهاد من منافع الدين والدنيا ، ولا يعلمون الخير حتى يتجهوا إليه ، وهكذا تظلم قلوب أهل المعاصي وتقسو ، فلا تفتح لخير أو رضوان . ذكر ابن عباس أن آيات المعتذرين المنافقين وهم ثمانون رجلا نزلت فيهم ، وأمر النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم المؤمنين لما رجعوا إلى المدينة بأن لا يجالسوهم ولا يكلموهم . لقد أخبر القرآن الكريم في هذه الآيات بما سيكون من أمر المنافقين المتخلفين في المدينة وما حولها عن تبوك . إنهم حين رجوع المؤمنين من تبوك سيعتذرون للمؤمنين عن تخلفهم عن الجهاد بغير عذر ، فرد اللَّه عليهم آمرا نبيه بإخبارهم : لا تعتذروا بالأعذار الكاذبة لأنا لن نصدقكم أبدا ، ولأن اللَّه أخبرنا سلفا بالوحي إلى نبيه بعض أخباركم وأحوالكم ، وهو ما في ضمائركم من الشر والفساد ومناقضة الحقائق ، وسيظهر اللَّه أعمالكم للناس في الدنيا ، وسوف يكون مصيركم إلى اللَّه عالم الغيب والشهادة ، بعد البعث من القبور ، فيعلم ما تكتمون وما تعلنون ، فيخبركم بأعمالكم خيرها وشرها ، ويجزيكم عليها . وهذا تصريح بتوبيخ المنافقين والعقاب على أعمالهم ، والتخويف من اللَّه . ثم أخبر اللَّه تعالى عن تأصّل الكذب في المنافقين ، إنهم سيحلفون لكم الأيمان الكاذبة معتذرين ، لتعرضوا عنهم أيها المؤمنون ، فأعرضوا عنهم ولا تعاتبوهم ولا
906
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 906