نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 870
منتحلين الأعذار الواهية ، مظهرين التمسك بالفضيلة ، فيرد اللَّه عليهم مكذبا دعواهم ، كاشفا حقيقتهم بأنهم بهذه المقالة وقعوا فعلا في الفتنة ، حين انتحلوا الأعذار الكاذبة ، وقعدوا عن الجهاد ، إنهم سقطوا في الفتنة أي إنهم في الإثم والمعصية وقعوا . وإن نار جهنم لمحيطة بهم ، لا يجدون عنها محيدا ولا مهربا ، وهذا وعيد شديد لهم بأنهم أهل جهنم ، لكثرة خطاياهم . وأما آية * ( إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ . . ) * فإنها نزلت - كما روى ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد اللَّه رضي اللَّه عنه - قال : جعل المنافقون الذين تخلفوا بالمدينة ، يخبرون عن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أخبار السوء ، يقولون : إن محمدا وأصحابه قد جهدوا في سفرهم - أي إلى تبوك - وهلكوا ، فبلغهم تكذيب حديثهم ، وعافية النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم وأصحابه ، فساءهم ذلك ، فأنزل اللَّه : * ( إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ . . ) * . هذا لون آخر من طبائع المنافقين المتشبعة بالكيد والخبث واستغلال الفرص لإظهار الشماتة بالمؤمنين ، فإن عرضت لك أيها النبي في بعض الغزوات ( المعارك الحربية ) حسنة ، أي فتح ونصر وغنيمة كيوم بدر ، ساءهم ذلك ، وإن أصابتك مصيبة ، أي نكبة وشر وشدة كانهزام وتراجع في معركة كمعركة أحد ، قالوا : قد اتخذنا ما يلزم من الحذر والتيقظ والعمل بالحزم ، واحترزنا من متابعته من قبل ما وقع ، إذ تركنا القتال ولم نتعرض للهلاك ، لأنا متوقعون هذه الهزيمة ، وانصرفوا إلى أهاليهم عن موضع التحدث والمفاخرة بآرائهم هذه ، وهم مسرورون للنتيجة . والحسنة : ما يسرّ النفس حصوله ، والسيئة : ما يسوء النفس وقوعه . فأمر اللَّه نبيه أن يجيبهم عن شماتتهم وانتهازيتهم : لن يصيبنا أبدا إلا ما كتب وخط لنا في اللوح المحفوظ ، فنحن تحت مشيئة اللَّه وقدره ، هو مولانا ، أي ناصرنا ومتولي أمورنا ونتولاه ، وهذا إفساد لفرحهم بإعلامهم أن الشيء الذي يعتقدونه مصيبة ليس كما
870
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 870