نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 863
ثم رغب اللَّه المؤمنين في الجهاد مرة ثانية ، وحثهم على مناصرة النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، مشيرا لنجاح الهجرة ، فقال تعالى : * ( إِلَّا تَنْصُرُوه . . ) * أي إن لم تنصروا رسول اللَّه ، أو تركتم نصره ومؤازرته ، فالله متكفل به ، إذ قد نصره في موضع القلَّة والانفراد وكثرة العدو ، فنصره إياه اليوم يوم الهجرة أحرى منه حينئذ ، وذلك حين أخرجه المشركون الكافرون من مكة إلى المدينة ، وفعلوا من الأفاعيل ما أدى إلى خروجه وفي صحبته أبو بكر رضي اللَّه عنه . إنهما في الطريق إلى المدينة دخلا في غار ثور ومكثا فيه مدة ثلاثة أيام ، ليرجع الطلب - الباحثون عنه - إلى ديارهم ، ثم يسيروا بعدها إلى المدينة ، ففزع أبو بكر على النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لما رأى المشركين حانقين متجمهرين ، حال كون النبي أحد اثنين ، فقال لصاحبه أبي بكر : لا تخف ولا تحزن ، إن اللَّه معنا ، يؤيدنا بنصره وعونه وحفظه ولطفه . فأنزل اللَّه طمأنينته وتأييده على رسوله ، أو على أبي بكر ، قيل : إن الضمير في * ( عَلَيْه ) * عائد على أبي بكر : لأن النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لم يزل ساكن النفس ثقة بالله عز وجل . وهذا قول من لم ير السكينة إلا سكينة النفس والجأش ، وقال الجمهور : الضمير عائد على النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، وهذا أقوى ، والمراد بالسكينة : ما ينزل اللَّه على أنبيائه من الصيانة ( أو الحياطة ) لهم ، والخصائص التي لا تصلح إلا لهم ، والنصرة والفتوح عليهم . وقد أيد اللَّه نبيه وقواه وآزره أثناء الهجرة بالملائكة ، وجعل كلمة الشرك والكفر هي السفلى ، أي المغلوبة ، وكلمة اللَّه التي هي لا إله إلا اللَّه أو الشرع بأسره هي العليا الغالبة ، واللَّه عزيز غالب في انتقامه وانتصاره ، منيع الجناب ، حكيم في أقواله وأفعاله .
863
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 863