نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 843
والجهاد ، ثم بيّن تعالى عدم تساوي الفريقين بقوله : * ( واللَّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) * أي لا يهدي القوم الكافرين في أعمالهم إلى ما هو الأفضل والأرقى رتبة ، إذ قد طمس على قلوبهم ، والآية إنكار صريح على تشبيه المشركين وأعمالهم المحبطة بالمؤمنين وأعمالهم المثبتة ، وأن يسوى بينهم ، وجعل تسويتهم ظلما ، بعد ظلمهم بالكفر . فالإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيل اللَّه بالمال والنفس أفضل وأعظم درجة عند اللَّه من أعمال السقاية والسدانة أو العمارة . ثم بيّن اللَّه مراتب التفاضل بين المؤمنين أنفسهم ، فإنها تتفاوت بحسب التفاوت في الإيمان ، والهجرة ، والجهاد بالمال والنفس ، وحكم اللَّه أن أهل هذه الخصال أعظم درجة عند اللَّه من جميع الخلق ، ثم حكم لهم بالفوز برحمته ورضوانه ، والفوز : بلوغ البغية ، إما في نيل رغبة ، أو نجاة من مهلكة . وهذا الفوز : هو أنه تعالى يبشرهم في كتابه المنزل على رسوله برحمة واسعة ، ورضوان كامل ، وجنات لهم فيها نعيم دائم ، وهم في هذا النعيم خالدون على الدوام إلى ما شاء اللَّه تعالى . وإن اللَّه عنده الثواب العظيم على الإيمان والعمل الصالح ومنه الهجرة ، والجهاد في سبيل اللَّه ومن أجل مرضاته ، كما جاء في آية أخرى : * ( وَعَدَ اللَّه الْمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ومَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ورِضْوانٌ مِنَ اللَّه أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ( 72 ) ) * [ التوبة : 9 / 72 ] . والرضوان : نهاية الإحسان ، وهو شيء روحي ، والنعيم في الجنة شيء مادي ، فهو لين العيش ورغده . والصحب الكرام سلف هذه الأمة هم أصحاب هذه الخصال ، فعلى سيوفهم انبنى الإسلام ، وهم ردوا الناس إلى الشرع ، وأشادوا صرح الأمة ورفعوا عزة مجدها ، لذا قال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلم - فيما رواه الإمام أحمد في مسنده عن أنس رضي اللَّه عنه :
843
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 843