نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 835
ثم أكد اللَّه تعالى ضرورة الحفاظ على العهد والوفاء بالعقد لهؤلاء بقوله تعالى : * ( إِنَّ اللَّه يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) * أي يرضى عن الذين يوفون بالعهد ، ويتقون الغدر ونقض العهد . وهذا تعليل لوجوب امتثال المؤمنين لما يأمرهم به ربهم ، وتبيان بأن مراعاة العهد من باب التقوى ، حتى وإن كان المعاهد مشركا . وكرر اللَّه تعالى في قوله : * ( كَيْفَ وإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ . . ) * استبعاد ثبات المشركين على العهد ، فكيف يكون لهم عهد محترم ، والحال أنهم إن يظفروا بكم ، لم يراعوا حلفا ولا قرابة ولا عهدا ، وهذا تحريض للمؤمنين على معاداتهم والتبري منهم ، بل وأكثر من هذا ، فمن خبثهم وضغينتهم أنهم قوم مخادعون ، يظهرون الكلام الحسن بأفواههم ، وقلوبهم مملوءة حقدا وحسدا وكراهية : * ( يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ) * [ الفتح : 48 / 11 ] وأكثرهم فاسقون ، أي متمردون لا عقيدة تزعهم ، ولا مروءة تردعهم ، خارجون من أصول الدين والمروءة والأخلاق . وعبر تعالى بقوله : * ( وأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ ) * لأن نقض العهد كان من الأكثرين . وأردف اللَّه تعالى بيان سببين آخرين للبراءة من عهود المشركين وإيجاب قتالهم وهما أولا - أنهم اشتروا بآيات اللَّه ثمنا قليلا ، أي استبدلوا بآيات اللَّه الدالة على الحق والخير والتوحيد عوضا قليلا حقيرا من متاع الدنيا ، وهو اتباع الأهواء والشهوات ، والطمع بالأموال متاع الدنيا الخسيسة ، فمنعوا الناس من اتباع الدين الحق فبئس العمل عملهم ، وقبح ما ارتضوه لأنفسهم من الكفر والضلالة وترك الإيمان . وثانيا - أنهم من أجل كفرهم لا يراعون في شأن مؤمن قدروا على الفتك به حلفا ولا قرابة ولا عهدا على الإطلاق ، وأولئك هم المعتدون ، أي المجاوزون الغاية في الظلم والشر ، فأصبحوا لا يفهمون بغير لغة السيف ، والخضوع للقوة ، لا للعهد والذمة ، والقيم والأخلاق والمبادئ .
835
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 835