نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 813
العمل في الأقوام الغابرة ، وإهلاك قريش بسبب كفرها بأنعم اللَّه عليها ، لأن سنة اللَّه وحكمته اقتضت ألا يغير نعمته على قوم ، حتى يغيروا ما بهم من الحال ، فيكفروا النعمة ، ويبطروا بها ، فاستحقوا تبديل الأوضاع ، كتبديل أهل مكة إطعامهم من جوع ، وأمنهم من خوف ، إن اللَّه سميع لأقوال المخلوقات قاطبة ، ولا سيما مكذبو الرسل ، عليم بمن يستحق العقاب وبما يفعلون ، فجميع الناس تحت رقابة اللَّه وتصرفه . وفي هذا تبيان واضح أن استحقاق النعم منوط بصلاح العقائد وحسن الأعمال والأخلاق ، وأن زوال النعم يكون بسبب الكفر والفساد وسوء الأخلاق ، إلا أن يكون الإنعام أحيانا استدراجا لأهل المعصية حتى يقعوا في بؤرة لا نجاة لهم منها ، كما قال تعالى في آية أخرى : * ( سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ) * [ القلم : 68 / 44 ] . ثم أكد اللَّه تعالى قانونه العام وسنته المطردة في إهلاك العصاة ، وأن سبب العذاب المذكور أولا هو الكفر بآيات اللَّه ، أي إنكار الدلائل الإلهية الدالة على وحدانية اللَّه ، والسبب الثاني المذكور في الآية التالية هو التكذيب بآيات ربهم ، أي إنكار وجوه التربية والإحسان والنعمة ، مع كثرتها وتواليها عليهم ، فقوله سبحانه : * ( بِآياتِ رَبِّهِمْ ) * زيادة دلالة على كفران النعم وجحود الحق . لقد أهلك اللَّه تعالى الأمم السابقة العاصية بذنوبهم ، وأغرق آل فرعون بكفرهم وضلالهم ، وكان كل من مشركي قريش وآل فرعون ظالمي أنفسهم بالكفر والمعصية ، وظالمي سائر الناس بسبب الإيذاء ، وأن اللَّه أهلكهم بسبب ظلمهم وذنوبهم ، وسلبهم تلك النعم التي أسداها إليهم ، وما ظلمهم اللَّه ، ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، أي كانوا هم الظالمين الذين عرّضوا أنفسهم لعذاب اللَّه تعالى ، ولا يظلم ربك أحدا .
813
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 813