نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 810
ورائهم ، لأنهم قتلوا رجلا منهم ، قال الضحاك : جاءهم إبليس يوم بدر برايته وجنوده ، وألقى في قلوبهم أنهم لن ينهزموا ، وهم يقاتلون على دين آبائهم . والمعنى : واذكروا أيها المؤمنون المواقف المدهشة والعبر من مشاهد يوم بدر ، وفي ذلك مشاهد ثلاثة : موقف الشيطان وهو إبليس نفسه كيف وسوس لكفار قريش ثم تخلص من المشركين وقت اشتداد المحنة ، وموقف المنافقين الذين سخروا من المؤمنين لتهورهم قائلين : غرّ هؤلاء دينهم ، وحال الكفار حين موتهم حيث تضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم . المشهد الأول - أن الشيطان أتى بنفسه لمعسكر قريش بمكة ، أو جاءهم وهم في طريقهم إلى بدر ، وقد لحقهم خوف من بني بكر وكنانة لحروب كانت بينهم ، جاءهم إبليس في صورة سراقة بن مالك من بني بكر ، وهو سيد من ساداتهم ، وقال لهم : إني مجير لكم ، ولن تخافوا من قومي ، وهم لكم أعوان على مقصدكم ، ولن يغلبكم أحد ، فسرّوا عند ذلك ، ومضوا لطيّتهم [1] ، وقال لهم : « أنتم تقاتلون عن دين الآباء ولن تعدموا نصرا » فلما التقى الجمعان كانت يده في يد الحارث بن هشام ، فلما رأى الملائكة نكص على عقبيه ، أي رجع هاربا إلى الوراء ، أي أحجم ، فقال له الحارث : أتفرّ يا سراقة ؟ فلم يلو عليه ، أي لم يقم معه ولم ينتظره ، ودفع في صدر الحارث ، وذهب ، فوقعت الهزيمة ، وقال : إني أرى ما لا ترون من جند الملائكة ، وأظهر الخوف من اللَّه قائلا : إني أخاف اللَّه ، واللَّه شديد العقاب في الدنيا والآخرة . وكان خوفه من الملائكة حتى لا تحرق جنوده . هذا موقف الشيطان من كفار قريش . والمشهد الثاني - هو موقف المنافقين من المسلمين : فإن المنافقين والذين في قلوبهم مرض ، أي شك ونفاق وحسد وحقد وبطر ، قالوا عن المسلمين : اغتر هؤلاء