responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 758


يتبين من هذا أن الإمداد بالنعم والخيرات والأرزاق المادية والمعنوية ليس دليلا على صلاح الإنسان ، وإنما قد يكون استدراجا ، أي سوقا شيئا بعد شيء ، ودرجة بعد درجة بالنعم والإمهال ، كما يستدرج العدو إلى مكان محكم للقضاء عليه . فإذا ترك الظالم فترة من الزمان دون عقاب فوري ، فعليه ألا ينخدع بذلك ولا يغتر بظلمه وانحرافه ، وهذا تهديد للمعرضين عن آيات اللَّه .
ثم وبخ اللَّه تعالى هؤلاء الكفرة الظلمة بقوله : * ( أَولَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ . . ) * أي أولم يتفكر ويتأمل بإنصاف هؤلاء المكذبون بآيات اللَّه أنه ليس بصاحبهم محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من جنون ، إذ كانوا يقولون : شاعر مجنون ، مع أنهم يعرفون حاله من بدء نشأته ، ويعلمون حقيقة دعوته ودلائل رسالته ، فهو ليس بمجنون وإنما رسول اللَّه حقا ، والداعية إلى الحق ، والمنذر الناصح الواضح ، والمبلَّغ الأمين .
وسبب نزول هذه الآية :
أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم صعد ليلا على الصفا ، فجعل يدعو قبائل قريش : يا بني فلان ، يا بني فلان ، يحذرهم ويدعوهم إلى اللَّه ، فقال بعض الكفار حين أصبحوا : هذا مجنون ، بات يصوت حتى الصباح . . فنفى اللَّه ما قالوه من ذلك .
وإذا لم يتفكر هؤلاء القوم من قريش في شأن محمد النبي وشأن دعوته ، أفلا يتأملون وينظرون في الملك العظيم من السماوات والأرض ، وفي مخلوقات اللَّه ومختلف الأشياء ، فذلك مدعاة للإيمان ، فلو نظروا فيما خلق اللَّه من كبير وصغير ، لأداهم النظر الصحيح إلى وجود اللَّه ووحدانيته ، ثم ألم ينظروا في احتمال مجيء الموت ، فربما يموتون عما قريب . ويكفيهم مفاجأة الموت لحملهم على النظر وتأمل الحقيقة وطلب الحق ، والإيمان برسول اللَّه ، والإنابة إلى طاعته . وإذا ماتوا ندموا ولا أمل بعدئذ في النجاة ولا يقبل منهم إيمان يوم القيامة ، إذا لم يؤمنوا بالقرآن العظيم في

758

نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 758
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست