نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 715
عنهم العقاب مرة بعد مرة ، مؤقتا إلى أجل محدود ، منتهون إليه حتما ، فمعذبون فيه ، وهو الغرق ، إذا هم ينقضون العهد ويحنثون في كل مرة ، ولم ينفعهم ما تقدم في حقهم من الإمهال . ومعنى قوله تعالى : * ( إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوه ) * أي غاية كل واحد منهم بما يخصه من الهلاك والموت ، في الغرق المنتظر . روي أنهم كانوا يمكثون في العذاب الواحد من الطوفان والجراد ونحوهما أسبوعا ، ثم يطلبون من موسى الدعاء برفعه ، ويعدونه بالإيمان بالله تعالى ، ثم ينقضون العهد . ولما كشف اللَّه العذاب ( وهو الرجز ) عن قوم فرعون من قبل مرات ومرات ، ولم يقلعوا عن كفرهم وجهلهم ، ثم حان الأجل المؤقت لعذابهم ، انتقم اللَّه منهم ، بأن أهلكهم بالغرق في البحر ، بسبب تكذيبهم بآيات اللَّه التي نزلت عليهم كلها ، وكانوا غافلين عنها وعما يتبعهم من العذاب في الدنيا والآخرة . والمراد بغفلتهم عن آيات اللَّه : إعراضهم عن الآيات ، وعدم الالتفات إليها ، فهم أعرضوا عنها ، حتى صاروا كالغافلين عنها . إنهم غفلوا عما تتضمنه الآيات من الهدى والنجاة . أغرق اللَّه الكافرين منهم في اليم إغراقا شنيعا شديدا ، ونجى اللَّه المؤمنين الذين كانوا يكتمون إيمانهم ، أغرقهم في اليم ، وهو البحر الذي فرقه لموسى ، فجاوزه هو وبنو إسرائيل معه ، ثم ورده فرعون وجنوده على أثرهم ، فلما أصبحوا في وسط البحر ، أطبقه اللَّه عليهم ، فغرقوا عن آخرهم بسبب تكذيبهم بآيات اللَّه ، وتغافلهم عنها ، وعما يعقبها من العذاب في الدنيا والآخرة . تبين لنا هذه الآيات مدى انتهازية بعض الناس ، ولجوئهم إلى المكر والخديعة ، فإن قوم فرعون لما تعرضوا للعذاب ، هرعوا إلى موسى عند الشدة والضيق ، وهذا شأن غالب الناس ، لا يجدون في وقت المحنة غير اللَّه ملجأ وملاذا .
715
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 715