نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 708
ربنا هب لنا صبرا فسيحا واسعا ، وثبّتنا على دينك وشرعك ، واغمرنا بالصبر حتى يفيض علينا كما يغمر الماء الأشياء ، وأمتنا مسلمين خاضعين لأوامرك ، منقادين خاضعين لعظمتك ، ثابتين على الدين الحق : دين الإسلام متابعين لنبيك موسى عليه السلام . والظاهر أن فرعون نفّذ تهديده ووعيده فعلا ، لقوله تعالى في بداية القصة : * ( فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ) * قال ابن ابن عباس رضي اللَّه عنهما : فرعون أول من صلب وقطع من خلاف . وقال ابن عباس وغيره في السحرة : أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء ، وأما التوعد فلجميعهم . وقال السحرة لفرعون في آية أخرى : * ( فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِه الْحَياةَ الدُّنْيا ( 72 ) إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وما أَكْرَهْتَنا عَلَيْه مِنَ السِّحْرِ واللَّه خَيْرٌ وأَبْقى ( 73 ) إِنَّه مَنْ يَأْتِ رَبَّه مُجْرِماً فَإِنَّ لَه جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها ولا يَحْيى ( 74 ) ومَنْ يَأْتِه مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجاتُ الْعُلى ( 75 ) ) * [ طه : 20 / 72 - 75 ] . وإذا كان الإيمان بالدين الحق والصبر على الشدائد من خلق اللَّه تعالى ، كما يقول أهل السنة ، فإن اتجاه إرادة الإنسان للأخذ بهما ، والاستعانة بالله للثبات على الإسلام ، دليل على استحقاق العبد الثواب على ما اتجهت إليه إرادته ، إذ لو كان الإيمان مجرد منحة من اللَّه ، لما كان هناك داع لإثابة المؤمن ، وتعذيب الكافر . وإيمان السحرة وإعلان إسلامهم بجرأة وصراحة وسرعة يدل على أن الإنسان إذا تجرد عن هواه ، وأذعن للعقل والفكر السليم ، بادر إلى الإيمان عند ظهور الأدلة عليه . قال ابن عباس رضي اللَّه عنهما : لما آمنت السحرة ، اتبع موسى ست مائة ألف من بني إسرائيل . وقال مقاتل : مكث موسى بمصر بعد إيمان السحرة عاما أو نحوه يريهم الآيات .
708
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 708