نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 705
بحجة واضحة وتفوّق بيّن . وتوهموا أن ما جاء به موسى عليه السلام من قبيل السحر ، فجمعوا له السحرة ، ليعارضوه بنظير ما أراهم من البينات . جاء في آية أخرى : * ( قالَ [1] أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى ( 57 ) فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِه فَاجْعَلْ بَيْنَنا وبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُه نَحْنُ ولا أَنْتَ مَكاناً سُوىً ( 58 ) قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ( 59 ) فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَه ثُمَّ أَتى ( 60 ) ) * [ طه : 20 / 57 - 60 ] . توافد السحرة من كل جهة ، وقالوا لفرعون : أئن لنا لأجرا إذا تغلبنا على موسى ؟ فقال فرعون : نعم لكم أجر عظيم ، وتصبحون من المقربين إلي في المركز والمجلس . وهذا إغراء بالمركز المالي والأدبي . قال السحرة في مكان المباراة : يا موسى إما أن تلقي بسحرك ، وإما أن نكون نحن الملقين . وفي هذا اعتزاز بأنفسهم وثقة بخبرتهم وترك المبالاة بعمله . فأجاب موسى جواب الذكي الخبير المتكل على تأييد ربه ونصره الواثق أيضا بغلبته في النهاية : ألقوا ما أنتم ملقون ، وجاء في آية أخرى : فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِه السِّحْرُ إِنَّ اللَّه سَيُبْطِلُه إِنَّ اللَّه لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ ( 81 ) [ يونس : 10 / 81 ] . ألقى السحرة حبالهم وعصيهم ، فسحروا أعين الناس ، وأرهبوهم بأباطيلهم وأفزعوهم ، وخيّلوا إلى الأبصار أن ما فعلوه ، له حقيقة واقعة ، ولم يكن في الواقع إلا مجرد صنعة وخيال ، قال الزجاج : إنهم جعلوا في الحبال والعصي الزئبق ، فكانت لا تستقر . وقوله سبحانه : * ( سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ ) * دليل واضح على أن السحر خيال لا حقيقة فيه ، والفرق بين السحر والمعجزة : أن المعجزة تظهر على يد مدعي النبوة وتستمر متحدية مختلف ألوان السحر ، والسحر يظهر على يد رجل فاسق ، ويظهر أثره السطحي سريعا .