نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 689
شيء ، كما قال تعالى في آية أخرى : * ( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ ) * [ الشّعراء : 26 / 166 ] أي في جمعكم إلى الشّرك والوثنية هذه الفاحشة . وفي آية ثالثة : * ( بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) * [ النّمل : 27 / 55 ] وهذا دليل على إسرافهم في اللذات ، وتجاوزهم حدود الفطرة والعقل ، وجهالتهم عواقب الأمور ، فهم لا يقدرون ضرر ذلك على الصحة والحياة ، فهو مرض مميت ، كما دلَّت إحصاءات موتى الإيدز ( فقد المناعة ) في الحاضر أكثر من مائة ألف ، وفي نهاية القرن العشرين أربعة ملايين ، دون اكتشاف علاج له . وما كان جواب القوم على إنكار لوط عليه السّلام ونصحه لهم يدلّ على النّدم والرجوع عن الخطأ والضّلال وإنكار الفاحشة وتعظيم أمرها ، وإنما هموا بإخراج لوط ونفيه ومن معه من المؤمنين تضجّرا منهم ومن سماع مواعظهم قائلين : * ( أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ ) * أي أخرجوا لوطا وأتباعه من البلد ، فإنهم أناس يتنزهون عن مشاركتكم في فعلكم وعن الفواحش وعن أدبار الرجال والنساء . وهذا صادر منهم على سبيل السخرية بهم والتّهكم ، والافتخار بما كانوا فيه من القذارة . وكانت العاقبة أن اللَّه تعالى نجّى لوطا وأهل بيته الذين آمنوا معه ، إلا امرأته ، فإنها لم تؤمن ، فكانت من جماعة الهالكين الباقين مع قومها في العذاب ولأنها كانت على دين قومها الوثني ، تمالئهم عليه ، وتخون لوطا بإعلامهم بمن يقدم عليه من الضيوف بإشارات بينها وبينهم . والعذاب هو إمطارهم بمطر كثير عجيب أمره وهو الحجارة التي رموا بها ، فانظر أيها السامع كيف كان عاقبة الذين أجرموا واجترؤوا على معاصي اللَّه عزّ وجلّ ، وتكذيب رسله ، وكل ذلك للعظة والعبرة ، قال تعالى في آية أخرى : وأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ ( 82 ) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ ( 83 ) [ هود : 11 / 82 - 83 ] .
689
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 689