responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 544


ومنشأ هذا التكذيب في الظاهر : هو العناد والجحود ، إذ إنهم لا يتّهمونك بالكذب في الواقع ، فأنت الصادق الأمين في نظرهم ، فما جرّبوا عليك كذبا ولا خيانة ، ولكنهم يعاندون الحق ، ويجحدون بآيات اللَّه أي علاماته وشواهد نبيّه محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ، ويصدّون عنها ، فالقضية محاربة لدعوة اللَّه لا لشخص نبيّه ، فلست بكاذب في حقيقتك ، وتكذيبك لا يعد تكذيبا . لهذا فلا تحزن أيها الرسول عليهم ، واصبر على تكذيبهم وإيذائهم ، كما صبر رسل قبلك وكما أوذوا ، حتى ينصرك اللَّه عليهم ، وينتقم من أعدائك المكذّبين ، كما نصر رسله الكرام . وهذا الوعد بالنصر أمر حتمي محقق ، فلا تغيير ولا خلف في وعد اللَّه ووعيده ، ولا مكذّب لما أخبر به ، فوعد اللَّه بنصر رسله والمؤمنين نافذ في الدنيا والآخرة ، وكذا وعيده لاحق بالكافرين ، وتلك هي أنباء أو أخبار الرّسل المرسلين قبل نبيّنا عليهم الصّلاة والسّلام ، لقد أنزلناها عليك أيّها النّبي وقصصناها عليك ، ومفادها ما أخبرناك به من تكذيب الناس لهم وصبرهم ثم نصرهم .
وقوله تعالى : * ( وإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ . . ) * آية فيها إلزام الحجة للنّبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وتقسيم الأحوال عليه ، حتى يتبيّن أنه لا وجه إلا الصبر والمضي لأمر اللَّه تعالى .
والمعنى : إن كنت أيها النّبي تعظَّم تكذيبهم وكفرهم على نفسك وتحزن عليه ، فإن كنت تقدر على دخول سرب في أعماق الأرض ، أو على ارتقاء سلَّم إلى السماء ، فدونك وشأنك به ، أي إنك لا تقدر على شيء من هذا ، ولا بدّ لك من التزام الصبر واحتمال المشقة ومعارضتهم بالآيات التي أقامها اللَّه تعالى للناظرين المتأملين . فالله لا إله إلا هو لم يرد أن يجمعهم على الهدى ، وإنما أراد ترك الحرّية للناس في النظر والتأمل في آياته ، ليهتدي بها الأسوياء العقلاء ، ويضل آخرون . وهناك عوامل تساعدهم على الوصول إلى الحق ، فقد خلقهم اللَّه على الفطرة الإسلامية النقية وهي

544

نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 544
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست