نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 501
الكعبة : بيت مكة ، وهو أول بيت وضع للعبادة في الأرض ، وسمي كعبة لتربيعه ، قال أهل اللغة : كل بيت مربع فهو مكعب وكعبة ، وقال قوم : سميت كعبة لنتوئها ونشوزها على الأرض . وقد بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السّلام بمكّة المكرمة . واللَّه سبحانه عظَّم الكعبة وجعلها مقرّا موحّدا للعبادة ، وصيّرها محطة يقوم بها أمر الناس وإصلاح شأنهم في أمر دينهم بالحج إليها ، وفي أمر دنياهم بتوفير الأمن فيه لداخله ، وتحقيق المنافع وجباية الثمرات المختلفة من كل شيء إليها ، وهي تشبه الملك الذي هو قوام الرّعية وقيامهم ، ورمز تفوقهم وعزّتهم ، وأساس قوتهم ومنعتهم . وجعل اللَّه الكعبة مثابة للناس وأمنا ، فيه يأمن الخائف ، وينجو اللاجئ كما قال تعالى : * ( أَولَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً ويُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ) * [ العنكبوت : 29 / 67 ] . وصيّر اللَّه الكعبة مهوى الأفئدة والقلوب ، فهي في كل مكان وزمان تهوي القلوب إليها . وهي أيضا سبب لزيادة الرزق والثمرات ، فيقوم أمر العباد ويصلح شأنهم في الدنيا والآخرة ، وهكذا يجد كل من حج حاجته أو مطلبه ، إجابة لدعاء إبراهيم عليه السّلام : رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ( 37 ) [ إبراهيم : 14 / 37 ] . واللَّه سبحانه جعل الكعبة أيضا مقرّا لالتفاف المسلمين حولها ، والقيام بأداء المناسك والتّعبدات ، وتهذيب الأخلاق وضبط النفوس وتزكيتها ، وتوحيد وجهات نظر المسلمين في شؤونهم العامة والخاصة ، وتأكيد رابطة الأخوة الإيمانية ، وبعث القوة في النفوس ، وإحياء روح الجهاد ، وتذكير الوحي الإلهي ، وتجديد الإسلام في الأعماق .
501
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 501