نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 470
المؤمنين الصادقين ، وإن اللَّه لا يوفق إلى الحق والخير القوم الظالمين أنفسهم بموالاة أعدائهم والاعتماد عليهم أيّا كان السبب . وهذا النهي متعلق في شأن تعميق الصّلات والرّوابط والأحلاف مع غير المؤمنين ، أما مجرد المعاملة والمتاجرة من غير مخالطة عميقة الجذور ، فلا تدخل في النّهي ، فقد عامل رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يهوديا ، ورهنه درعا . ثم ميّز اللَّه تعالى بين الموالي لأمّته وبين المعادي لها ، المنضمّ إلى صفّ الأعداء ، فأخبر اللَّه نبيّه بقوله : ترى يا محمد أولئك المنافقين الذين في قلوبهم شك ونفاق ، وإيمانهم ضعيف غير صحيح ، ترى هؤلاء يبادرون في موالاة الأعداء ، ويرغبون فيها رغبة أكيدة خالصة للشيطان ، ويتصادقون معهم صداقة حميمة ، ويقولون معتذرين بسبب انهزام نفوسهم وضعفها : نخاف أن نتعرض لدائرة تدور علينا ، من دوائر الدهر ، وأن تكون لهم الغلبة والتّفوق ، وأن تكون لنا الهزيمة والضعف ، والدائرة معناها : النازلة من الزمان ، والحادثة من الحوادث التي تحوجنا إلى موالينا وأنصارنا من اليهود الأعداء . ولكن هؤلاء المنافقين الانهزاميين نسوا جانب اللَّه وتركوا مقتضى الإيمان ، فالله يعد المؤمنين وعدا جازما بالنصر والغلبة ، والفصل بين أهل الإيمان وجند الشيطان ، فيصبح المتواطئون مع الأعداء نادمين على ما أسرّوا في أنفسهم من مناصرة أهل الباطل وجند الشيطان وأعداء أهل الإيمان . وقوله تعالى : * ( فَعَسَى اللَّه أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ) * وعد قاطع من اللَّه لأن عسى من اللَّه واجبة التحقيق . وظاهرة الفتح في هذه الآية : علو كلمة الإسلام ، وتغلَّب رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم على أعدائه الذين يخططون للقضاء على دعوته وإضعاف أنصاره . لذا يقول الذين آمنوا متعجّبين من فعل المنافقين ومخاطبين الأعداء : أهؤلاء الذين
470
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 470