responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 404


والمعنى : يعاقب اللَّه تعالى المجاهر بسوء القول ، أي بذكر عيوب الناس وتعداد سيئاتهم لأنه يؤدي إلى إثارة العداوة ، والكراهة والبغضاء ، ويزرع الأحقاد ، ويسيء أيضا إلى السامعين ، فيجرّئهم على اقتراف المنكر ، وتقليد المسيء ، ويوقعهم في الإثم لأن سماع السّوء كعمل السّوء .
وكذلك الإسرار بسوء القول محرّم ومعاقب عليه أيضا كالجهر بالقبيح ، إلا أن الآية نصّت على حالة الجهر لأن ضرره أشد ، وفحشه أكبر ، وفساده أعم وأخطر ، قال اللَّه تعالى : * ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ واللَّه يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ( 19 ) ) * [ النّور : 24 / 19 ] .
ثم استثنى اللَّه تعالى حالة يجوز فيها إعلان السوء من القول : وهي حالة الشكوى المحقة من ظلم الظالم أمام حاكم أو قاض أو غيرهما ممن يرجى منه رفع الظلامة وإغاثة المظلوم ، ومساعدته في إزالة الظلم ، والشكوى على الظالم أمر جائز شرعا ، إذ لا يحبّ اللَّه لعباده أن يسكتوا على الظلم ، أو أن يخضعوا لصنوف الأذى والضيم ، أو أن يقبلوا المهانة ، ويسكتوا على مضض على الذّل والتّحقير . روى الإمام أحمد حديثا : « إن لصاحب الحق مقالا » . والشكوى حينئذ تكون من قبيل ارتكاب أخفّ الضّررين ، ودفع أعظم الشّرّين .
وكل من حالتي جواز الجهر بالسوء من القول ، وعدم الجواز ، في ظل رقابة دقيقة من اللَّه تعالى ، فهو سبحانه سميع لكل ما يقال ، مطَّلع على البواعث والنّيات المؤدية للأقوال ، عليم بكل ما يصدر عن المخلوقات من أفعال وتصرّفات ، فيثيب اللَّه المحق ، ويعاقب المبطل ، ويعين على دفع الظلم ، ويجازي كل ظالم على ظلمه .
ولا مانع أيضا من العفو عن المسيء ، والتّرفع عن المؤذي ، بل إن العفو أفضل عند اللَّه من الجزاء ، ومرغب فيه شرعا ، ليظهر ميدان الإحسان ويتعلم الناس أن من

404

نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست