نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 331
وقال عكرمة : انطلق كعب بن الأشرف إلى المشركين في مكة يؤلبهم على النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ويأمرهم أن يغزوه قائلا : إنا معكم نقاتله ، فقالوا : إنكم أهل كتاب مثله ، ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم . فإن أردت أن تخرج معنا ، فاسجد لهذين الصنمين ، فسجد ، ثم قالوا : نحن أهدى أم محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فنحن ننحر الكوماء ( الناقة الضخمة ) ونسقي الحاج ، ونقري الضيف ، ومحمد قطع رحمه ، وخرج من بلده ، فقال كعب : بل أنتم خير وأهدى سبيلا ، فنزلت الآيات . والمعنى : ألم تعلم وتنظر إلى حال الذين يمدحون أنفسهم ، ويدّعون ما ليس فيهم ، ويقولون : نحن أبناء اللَّه وأحباؤه ، ونحن شعب اللَّه المختار ، ولا تمسنا النار إلا أياما معدودات ، ولن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى ، وإن أبناءنا توفوا وهم لنا قربة ، وآباؤنا يشفعون لنا ، لكرامتهم على اللَّه ، فرد اللَّه دعواهم بأنه لا قيمة لتزكية أنفسهم ، فإن التزكية تكون بالعمل الصالح ، لا بالادّعاء ، واللَّه هو الذي يزكي من يشاء من عباده ، بتوفيقه للعمل الصالح ، وهدايته للإيمان والآداب الفاضلة . إنهم بهذه الادعاءات يفترون على اللَّه الكذب ، وكفى بالكذب إثما واضحا ومعصية كبيرة ، إنهم يعبدون غير اللَّه من الشياطين والأصنام ، ويصفون الكفار بأنهم أرشد من المؤمنين . وهم الذين لعنهم اللَّه وطردهم من رحمته ، والمطرود من رحمة اللَّه لا نصير ولا معين له ، بل ليس لهم نصيب من الملك والسلطان ، ولو كان لهم نصيب من الملك ، فلا يأتون الناس إلا أحقر شيء وأبسطه وأقله ، لأنهم مطبوعون على الأنانية حب الذات وحب المادة ، والغرور الكاذب ، بأنه لن يعطى أحد مثلما يعطون ، ولا يستحق أحد أي شيء . بل إنهم يحسدون الناس كمحمد النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم على ما آتاه اللَّه من فضله كالنبوة والقرآن والحكمة ، وهذا لا غرابة فيه ولا حق لهم بالحسد فيه ، فقد آتى اللَّه آل
331
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 331