نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 311
على الرضا المتبادل بيعا أو إجارة . وليس كل تراض معترفا به شرعا ، وإنما التراضي ضمن حدود الشرع ، فلا يحل المال الربوي في بيع أو قرض جر نفعا ، ولا المال المأخوذ بالقمار والرّهان من الجانبين ، حتى وإن تراضى عليه الطرفان لأن رضاهما مصادم لأمر الشرع الإلهي . وتمام التراضي : أن يعقد البيع بالألسنة بالإيجاب والقبول ، فتنتقل ملكية المبيع للمشتري ، ويجب على المشتري الوفاء بالثمن دون تلكؤ ، ولا يجوز نقض هذا البيع من أحد الطرفين دون موافقة الآخر ، ولا يحل السوم على السوم ، والبيع على البيع ، والخطبة على الخطبة ، لقول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في الحديث المتفق عليه : « لا يسم الرجل على سوم أخيه ، ولا يبيع الرجل على بيع أخيه » . وفي حديث آخر : « ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه » . ثم حرمت الآية قتل النفس بطريق الانتحار : * ( ولا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ) * و قال النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في الحديث المتفق عليه : « من قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده ، يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم ، خالدا مخلدا فيها أبدا » . لأن الاعتداء على النفس اعتداء على صنع اللَّه ، ولا يملك الإنسان نفسه ، كذلك يحرم علينا أن يقتل بعضنا بعضا ، فمن قتل غيره فكأنما قتل نفسه ، فيستحق القصاص أو الإعدام لأنه اعتدى على الأمة كلها ، قال اللَّه تعالى : * ( مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ) * [ المائدة : 5 / 32 ] فدم الإنسان على الإنسان حرام إلا من ارتد أو زنى وهو محصن أو قتل عمدا . وعقوبة قاتل النفس عمدا وظلما في الآخرة : هو إصلاؤه نار جهنم وإدخاله فيها إلا أن يتوب ، وبئس المصير المشؤوم الذي يرجع إليه هذا القاتل المعتدي ، وذلك العقاب أمر سهل يسير على اللَّه ، لأنه القادر على كل شيء .
311
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 311