نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي جلد : 1 صفحه : 84
والاعتداء ، والدين يحرّم الظلم والبغي والإساءة إلى كرامة الآخرين ، والإنسان أخو الإنسان أحبّ أم كره ، فلا يظلمه ولا يؤذيه ولا ينتقصه ولا يعتدي عليه . وقد أراد اللَّه سبحانه أن ينظم شأن العداوات والاعتداءات بين الناس ، ففرض تشريع القصاص ، وألزم الوقوف عند جانب الحق والعدل ، دون تجاوز في العقاب ، أو معاقبة غير المتّهم المسيء ، فتجب المساواة الدقيقة التّامة بين الجريمة والعقوبة ، ولا يجوز بحال قتل غير القاتل ، أو قتل أكثر من شخص بجريمة قتل واحدة . قال الشعبي : كان بين حيّين من أحياء العرب قتال ، وكان لأحد الحيّين طول [1] على الآخر ، فقالوا : نقتل بالعبد منا الحرّ منكم ، وبالمرأة الرجل ، فنزلت آية القصاص . وقال سعيد بن جبير : إن حيّين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل الإسلام بقليل ، وكان بينهم قتل وجراحات ، حتى قتلوا العبيد والنساء ، فلم يأخذ بعضهم من بعض حتى أسلموا ، فكان أحد الحيّين يتطاول على الآخر في العدد والأموال ، فحلفوا ألا يرضوا حتى يقتل بالعبد منا الحرّ منهم ، وبالمرأة منا الرجل منهم ، فنزل فيهم الحرّ بالحرّ ، والعبد بالعبد ، والأنثى بالأنثى . قال اللَّه تعالى : [ سورة البقرة [2] : الآيات 178 الى 179 ] * ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ والْعَبْدُ بِالْعَبْدِ والأُنْثى بِالأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ ( 2 ) لَه مِنْ أَخِيه شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وأَداءٌ إِلَيْه بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ ورَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَه عَذابٌ أَلِيمٌ ( 178 ) ولَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ( 179 ) ) * [ البقرة : 2 / 178 - 179 ] . خاطب اللَّه تعالى الناس في هذه الآية بوصف الإيمان ، مبيّنا لهم فرضية القصاص