responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 603


سبيل اللَّه لأنهم أقدر على المكر والخداع وترويج الباطل بين الناس بحكم نفوذهم وسيادتهم وسيطرتهم . وهذه الآية تتضمن إنذارا بفساد حال الكفرة .
وهكذا يثور في كل وقت الصّراع بين الحق والباطل ، وبين الإيمان والكفر ، ولكل اتّجاه أعوانه وأنصاره ، وسادته وكبراؤه ، ولكن ما يمكر هؤلاء الأكابر المجرمون المعادون للرّسل إلا بأنفسهم لأن وبال مكرهم عليهم ، وعاقبة إفسادهم تلحق بهم ، لكنهم عديمو الشعور والإحساس الصادق ، فما يعلمون حقيقة أمرهم .
ويستمر النّزاع بين أهل الإيمان والخير ، وبين أهل الكفر والشّر ، وهذه هي نظرية تنازع البقاء وبقاء الأصلح ، والعاقبة والنصر للمؤمنين في النهاية ، كما قال اللَّه تعالى : * ( فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً وأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ ) * [ الرّعد : 13 / 17 ] .
وواقع هؤلاء الضّالَّين أسوأ من البهائم ، فإن البهائم تعلم علوم الحسّ ، وأما الضّالَّون فهم مغرقون في الجهل لا يدركون الحقيقة ، وكأن الذي لا يشعر نفي عنه أن يعلم علم حسّ . إن الذين مكروا وضلَّوا حفاظا على مراكزهم ونفوذهم ، لم يشعروا بأن عاقبة مكرهم تحيق بهم ، لجهلهم بسنن اللَّه في خلقه ، كما قال اللَّه سبحانه :
* ( ولا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه ) * [ فاطر : 35 / 43 ] .
مطالبة المشركين بالنّبوة النّبوة أو الرّسالة إنما تمنح لمن هو مأمون عليها وموضع لها ، وأقدر على تحمل أعبائها ، وليست هي مثل مناصب الدنيا التي تعتمد على الشهرة والنفوذ ، والسلطة والجاه أو المال ، أو النّسب ، أو كثرة الأعوان والأولاد .
ولقد استبدّ الغرور والشّطط بمشركي مكة ، فأرادوا أن تكون لهم النّبوة والرسالة ، وأن يكونوا متبوعين سادة ، لا تابعين ، وقالوا : لو لا نزّل هذا القرآن على

603

نام کتاب : التفسير الوسيط نویسنده : وهبة الزحيلي    جلد : 1  صفحه : 603
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست