responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 69


خشية أن تتلى عليهم آيات تقع على أسماعهم وقع الصواعق المهلكة .
قال ابن كثير : « وذهب ابن جرير ومن تبعه من المفسرين إلى أن هذين المثلين مضروبان لصنف واحد من المنافقين ، وتكون » أو « في قوله تعالى * ( أَوْ كَصَيِّبٍ ) * بمعنى الواو ، كقوله تعالى » ولا تطع منهم آثما أو كفورا « أو تكون للتخيير ، أى ، اضرب لهم مثلا بهذا وإن شئت بهذا ، أو للتساوى مثل : جالس الحسن أو ابن سيرين . قلت : وهذا يكون باعتبار أجناس المنافقين ، فإنهم أصناف ولهم أحوال وصفات كما ذكرها اللَّه تعالى في سورة براءة بقوله : ومِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي . ومِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّه . ومِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقاتِ . إلخ . فجعل هذين المثلين لصنفين منهم أشد مطابقة لأحوالهم وصفاتهم « 1 » . » هذا ، ويرى فضيلة المرحوم الدكتور محمد عبد اللَّه دراز . أن المثلين لطائفتى الكافرين والمنافقين ، فالمثل الأول وهو قوله تعالى « مثلهم كمثل الذين استوقد نارا » ينطبق تمام الانطباق على الأوصاف التي ذكرها اللَّه للكافرين وأن الذي ينطبق على صفات المنافقين إنما هو المثل الثاني وحده وهو قوله تعالى * ( أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيه ظُلُماتٌ ورَعْدٌ وبَرْقٌ . . ) * فقد ضرب اللَّه لكلتا الطائفتين مثلا يناسبها .
قال فضيلته : فضرب مثلا للمصرّين المختوم على قلوبهم بقوم كانوا يسيرون في ظلام الليل فيهم رجل استوقد لهم نارا يهتدون بضوئها ، فلما أضاءت ما حوله لم يفتح بعض القوم أعينهم لهذا الضوء الباهر ، بل لأمر ما سلبوا نور أبصارهم ، وتعطلت سائر حواسهم عند هذه المفاجأة ، فذلك مثل النور الذي طلع به محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم في تلك الأمة على فترة من الرسل ، فتفتحت له البصائر المستنيرة هنا وهناك ، لكنه لم يوافق أهواء المستكبرين الذين ألفوا العيش في ظلام الجاهلية ، فلم يرفعوا له رأسا بل نكسوا على رؤسهم ، ولم يفتحوا له عينا بل خروا عليه صما وعميانا .
وضرب مثلا للمترددين المخادعين بقوم جاءتهم السماء بغيث منهمر في ليلة ذات رعد وبرق ، فأما الغيث فلم يلقوا له بالا ولم ينالوا منه نيلا ، فلا شربوا منه قطرة ، ولا استنبتوا به ثمرة . . وأما تلك التقلبات الجوية من الظلمات والرعد والبرق فكانت هي مثار اهتمامهم ، ومناط تفكيرهم ، ولذلك جعلوا يترصدونها ، ويدبرون أمورهم على وفقها ، لابسين لكل حال لبوسها : سيرا تارة ، ووقوفا تارة ، واختفاء تارة أخرى .
فكانوا إذا رأوا عرضا قريبا وسفرا قاصدا وبرقت لهم ( بروق ) الأمل في الغنيمة ساروا مع


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 56 .

69

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست