responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 68


أهل الصيب في حالتي ظهور البرق واختفائه .
وكل ظرف ، وما مصدرية ولاتصالها بكل أفادت الشرط والعامل فيها هو جوابها وهو * ( مَشَوْا ) * و * ( أَضاءَ ) * بمعنى لمع ، و * ( أَظْلَمَ ) * من الإظلام وهو اختفاء النور . و * ( قامُوا ) * أى وقفوا وثبتوا في مكانهم . من قام الماء إذا جمد . ويقال : قامت الدابة إذا وقفت .
والمعنى : أنهم إذا صادفوا من البرق وميضا انتهزوا ذلك الوميض فرصة ، فخطوا خطوات يسيرة ، وإذا خفى لمعانه وقفوا في مكانهم ، فالجملة الكريمة تدل على فرط حرصهم على النجاة من شدة ما هم فيه من أهوال .
ثم قال - تعالى - : * ( ولَوْ شاءَ اللَّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وأَبْصارِهِمْ ) * .
لو : أداة شرط ، وشاء بمعنى أراد . أى : لو أراد اللَّه أن يذهب بسمعهم وأبصارهم لزاد في قصف الرعد فأصمهم ، وفي ضوء البرق فأعماهم . أو يقال : إن قصف الرعد ولمعان البرق المذكورين في المثل سببان كافيان لأن يذهبا بسمع ذوى الصيب وأبصارهم لو شاء اللَّه ذلك .
فيكون قوله تعالى : * ( ولَوْ شاءَ اللَّه لَذَهَبَ ) * ، إشعارا بأن تأثير الأسباب في مسبباتها إنما هو بإرادته - تعالى - .
وخص السمع والبصر بالذهاب مع أنها من جملة مشاعرهم ، لأهمّيّتها . ولأنها هي التي سبق ذكرها ، أو من باب التنبيه بالأعلى على الأدنى ، لأنه إذا كان قادرا على إذهاب ما حافظوا عليه ، كان قادرا على غيره من باب أولى .
ثم ختم الآية بقوله - تعالى - * ( إِنَّ اللَّه عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) * .
الشيء في أصل اللغة كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه ، ويحمل في هذه الآية على الممكن خاصة موجودا كأن أو معدوما ، لأن القدرة إنما تتعلق بالممكنات دون الواجب والمستحيل .
والقدير : الفعال لما يريد ، يقال : قدره على الشيء أقدره قدرة وقدرا .
وهذه الجملة الكريمة بمنزلة الاستدلال على ما تضمنته الجملة السابقة من أن اللَّه تعالى قادر على أن يذهب بأسماع أصحاب الصيب وأبصارهم متى شاء .
وتطبيق هذا المثل على المنافقين يقال فيه : إن أصحاب الصيب لضعفهم وخورهم لا يطيقون سماع الرعد الهائل ، ولا يستطيعون فتح أعينهم في البرق اللامع ، فيجعلون أصابعهم في آذانهم فزعا من قصف الرعد ، وخوفا من صواعق تجلجل فوق رؤسهم فتدعهم حصيدا خامدين ، وكذلك حال هؤلاء المنافقين فإنهم لضعف بصائرهم ، وانطماس عقولهم ، تشتد عليهم زواجر القرآن ووعيده وتهديده وأوامره ونواهيه ، فتشمئز قلوبهم ويصرفون عنه أسماعهم

68

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 68
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست