نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 653
كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ . ومعنى الرهن : أن يوضع شيء يناسب قيمة الدين من متاع المدين بيد الدائن توثقة له في دينه ، ليستطيع أن يستوفى حقه من هذا الشيء المرهون عند تعذر الدفع . والمعنى : وإن كنتم . أيها المؤمنون - مسافرين وتداينتم بدين إلى أجل مسمى ، ولم تجدوا كاتبا يكتب لكم ديونكم ، أو لم تتيسر لكم أسباب الكتابة لأى سبب من الأسباب ، فإنه في هذه الحالة يقوم مقام الكتابة رهان مقبوضة يقبضها صاحب الدين ضمانا لحقه عند تعذر أخذه من الغريم . وفي التعبير بقوله : * ( عَلى سَفَرٍ ) * استعارة تبعية حيث شبه تمكنهم في السفر بتمكن الراكب من مركوبه . وفيه كذلك إشارة إلى اضطراب الحال ، لأن حال المسافر يغلب عليها التنقل وعدم الاستقرار . وجملة * ( ولَمْ تَجِدُوا كاتِباً ) * معطوفة على فعل الشرط ، أى : وإن كنتم مسافرين ولم تجدوا ، كاتبا فتكون في محل جزم تقديرا . ويجوز أن تكون الواو للحال والجملة بعدها في محل نصب على الحال . وقوله : * ( فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ) * خبر لمبتدأ محذوف والتقدير : فالذي يستوثق به رهان مقبوضة . أو مبتدأ محذوف الخبر والتقدير : فعليكم رهان مقبوضة . ومن الأحكام التي أخذها الفقهاء من هذه الآية الكريمة : أن تعليق الرهان على السفر ليس لكون السفر شرطا في صحة الرهان ، فإن التعامل بالرهان مشروع في حالتي السفر والحضر ، وإنما علق هنا على السفر لأنه مظنة تعسر الكتابة لما فيه من التنقل وعدم الاستقرار . وقد ثبت في الصحيحين عن أنس أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم توفى ودرعه مرهونة عند يهودي على ثلاثين وسقا من شعير رهنها قوتا لأهله » « 1 » . ومن الواضح أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم عند ما رهن درعه لليهودي كان مقيما ولم يكن مسافرا . قال القرطبي : ولم يرو عن أحد منع الرهن في الحضر سوى مجاهد والضحاك وداود متمسكين بالآية ، ولا حجة فيها لهم ، لأن هذا الكلام وإن خرج مخرج الشرط فالمراد به غالب الأحوال . وليس كون الرهن في الآية في السفر مما يحظر في غيره » « 2 » . كذلك أخذ بعض الفقهاء من قوله : * ( فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ ) * أن الرهن لا يتم إلا بالقبض ، فإذا افترق المتعاقدان من غير قبض كان الرهن غير صحيح بنص الآية وهذا مذهب الأحناف
( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 337 . ( 2 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 407 .
653
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 653