نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 597
وقوله هذا إنما هو تساؤل عن كيفية الإعادة لا عن أصل الإعادة لأنه كان مؤمنا بالبعث والنشور ، إلا أنه لما رأى حال القرية على تلك الصورة من الخراب تعجب من قدرة اللَّه على إحيائها ، وتشوق إلى عمارتها واعترف بالعجز عن معرفة طريق الإحياء . فماذا كانت نتيجة هذا التساؤل ؟ كانت نتيجته كما حكاها القرآن : * ( فَأَماتَه اللَّه مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه قالَ كَمْ لَبِثْتَ ؟ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) * . أى : بعد أن قال هذا الذي مر على تلك القرية الخاوية على عروشها ما قال ، ألبثه اللَّه - تعالى - في الموت مائة عام * ( ثُمَّ بَعَثَه ) * أى أحياه ببعث روحه إلى بدنه * ( قالَ كَمْ لَبِثْتَ ) * أى كم مدة من الزمان لبثتها على هذه الحال ؟ * ( قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) * . وقال - سبحانه - : * ( فَأَماتَه اللَّه مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه ) * ولم يقل ثم أحياه ، للدلالة على أنه عاد كهيئته يوم مات عاقلا فاهما مستعدا للنظر والاستدلال وكان ذلك بعد عمارة القرية وللإشهار بسرعته وسهولة تأتيه على الباري - سبحانه - . قال ابن كثير : كان أول شيء أحيا اللَّه فيه عينيه لينظر بهما إلى صنع اللَّه فيه كيف يحيى بدنه فلما استقل سويا قال اللَّه له بواسطة الملك * ( كَمْ لَبِثْتَ ) * ؟ * ( قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) * وذلك أنه مات أول النهار ثم بعثه اللَّه في آخر النهار فلما رأى الشمس باقية ظن أنها شمس ذلك اليوم فقال : * ( أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) * « 1 » . وقوله : * ( قالَ كَمْ لَبِثْتَ ) * استئناف مبنى على سؤال كأنه قيل : فماذا قال له بعد بعثه ؟ فقيل : قال كم لبثت ليظهر له العجز عن الإحاطة بشئون اللَّه - تعالى - على أتم وجه وتنحسم مادة استبعاده بالمرة . وكم منصوبة على الظرفية ومميزها محذوف والتقدير كم يوما أو وقتا والناصب لها قوله : * ( لَبِثْتَ ) * . وفي هذه الجملة الكريمة بيان للناس بأن الموت يشبه النوم ، وأن البعث يشبه اليقظة بعده وأنه لا شيء محال على اللَّه - تعالى - فهو القائل : ما خَلْقُكُمْ ولا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ . وفي الحديث الشريف : واللَّه لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن بما تعملون ، ولتجزون بالإحسان إحسانا وبالسوء سوءا ، وإنها لجنة أبدا ، أو لنار أبدا « . وقوله - تعالى - : * ( قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ ) * معطوف على مقدر ، أى : ليس الأمر كما قلت إنك لبثت يوما أو بعض يوم بل إنك لبثت مائة عام ثم أرشده - سبحانه - إلى التأمل في أمور
( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 صفحة 314 .
597
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 597