responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 594


وجب تقديم الحياة هاهنا في الذكر » « 1 » .
ثم حكى القرآن جواب نمرود على إبراهيم فقال : * ( قالَ أَنَا أُحْيِي وأُمِيتُ ) * أى قال ذلك الطاغية : إذا كنت يا إبراهيم تدعى أن ربك وحده الذي يحيى ويميت فأنا أعارضك في ذلك لأنى أنا - أيضا أحيى وأميت وما دام الأمر كذلك فأنا مستحق للربوبية . قالوا : ويقصد بقوله هذا أنه يستطيع أن يعفو عمن حكم بقتله ، ويقتل من شاء أن يقتله .
ولقد كان في استطاعة إبراهيم - عليه السلام - أن يبطل قوله ، بأن يبين له بأن ما يدعيه ليس من الأحياء والإماتة المقصودين بالاحتجاج ، لأن ما قصده إبراهيم هو إنشاء الحياة وإنشاء الموت ، كان في استطاعة الخليل - عليه السلام - أن يفعل ذلك ، ولكنه آثر ترك فتح باب الجدال والمحاورة ، وأتاه بحجة هي غاية في الإفحام فقال له - كما حكى القرآن : * ( فَإِنَّ اللَّه يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ ) * .
أى قال إبراهيم لخصمه المغرور : لقد زعمت أنك تملك الإحياء والإماتة كما يملك اللَّه - تعالى - ذلك ، ومن شأن هذا الزعم أن يجعلك مشاركا للَّه - تعالى - في قدرته فإن كان ذلك صحيحا فأنت ترى وغيرك يرى أن اللَّه - تعالى - يأتى بالشمس من جهة المشرق عند شروقها فأنت بها أنت من جهة المغرب في هذا الوقت فما ذا كانت نتيجة هذه الحجة الدامغة التي قذفها إبراهيم - عليه السلام - في وجه خصمه ؟ كانت نتيجتها - كما حكى القرآن - * ( فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ) * أى : غلب وقهر ، وتحير وانقطع عن حجاجه ، واضطرب ولم يستطع أن يتكلم ، لأنه فوجئ بما لا يملك دفعه . و * ( فَبُهِتَ ) * فعل ماض جاء على صورة الفعل المبنى للمجهول - كزهى وزكم - والمعنى فيه على البناء للفاعل . وقوله : * ( الَّذِي كَفَرَ ) * هو فاعله . والبهت :
الانقطاع والحيرة ، وقرئ بوزن - علم ونصر وكرم .
والفاء في قوله : * ( فَإِنَّ اللَّه يَأْتِي بِالشَّمْسِ ) * . . إلخ فصيحة لأنها أفصحت عن جواب لشرط مقدر أى إن كنت كما تزعم أنك تحيى وتميت وأن قدرتك كقدرة اللَّه فإن اللَّه - تعالى - يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب .
وعبر عن هذا المبهوت بقوله : * ( الَّذِي كَفَرَ ) * للإشعار بأن سبب حيرته واضطرابه هو كفره وعناده .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( واللَّه لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) * أى لا يهديهم إلى طريق


( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 7 ص 25 طبعة عبد الرحمن محمد بتصرف وتلخيص .

594

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 594
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست