responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 593


والضمير في قوله : * ( فِي رَبِّه ) * يعود إلى إبراهيم - عليه السلام - وقيل يعود إلى نمرود لأنه هو المتحدث عنه فالضمير يعود إليه والإضافة - على الرأى الأول - للتشريف ، وللإيذان من أول الأمر بأن اللَّه - تعالى - مؤيد وناصر لعبده إبراهيم . وقوله : * ( أَنْ آتاه اللَّه الْمُلْكَ ) * بيان لسبب إقدام هذا الملك على ما أقدم عليه من ضلال وطغيان . أى سبب هذه المحاجة لأنه أعطاه اللَّه - تعالى - الملك فبطر وتكبر ولم يشكره - سبحانه - على هذه النعمة ، بل استعملها في غير ما خلقت له فقوله : * ( أَنْ آتاه ) * مفعول لأجله ، والكلام على تقدير حذف لام الجر ، وهو مطرد الحذف مع أن وأن .
وقوله : * ( إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ ) * حكاية لما قاله إبراهيم عليه السلام لذلك الملك في مقام التدليل على وحدانية اللَّه وأنه - سبحانه - هو المستحق للعبادة أى قال له : ربي وحده هو الذي ينشئ الحياة ويوجدها ، ويميت الأرواح ويفقدها حياتها ، ولا يوجد أحد سواه يستطيع أن يفعل ذلك .
وقول إبراهيم - كما حكاه القرآن - : * ( رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ ) * مفيد للقصر عن طريق تعريف المبتدأ وهو * ( رَبِّيَ ) * والخبر هو الموصول وصلته .
وعبر بالمضارع في قوله : * ( يُحْيِي ويُمِيتُ ) * لإفادة معنى التجدد والحدوث الذي يرى ويحس بين وقت وآخر .
أى ربي هو الذي يحيى الناس ويميتهم كما ترى ذلك مشاهدا في كثير من الأوقات ، فمن الواجب عليك أن تخصه بالعبادة والخضوع وأن تقلع عما أنت فيه من كفر وطغيان وضلال .
وقوله : * ( إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ ) * ظرف لقوله : * ( حَاجَّ ) * أو بدل اشتمال منه ، وفي هذا القول الذي حكاه القرآن عن إبراهيم - عليه السلام - أوضح حجة وأقواها على وحدانية اللَّه واستحقاقه للعبادة ، لأن كل عاقل يدرك أن الحق هو الذي يملك الإحياء والإماتة ويملك بعث الناس يوم القيامة ليحاسبهم على أعمالهم وهو أمر ينكره ذلك الملك الكافر .
قال الإمام الرازي ما ملخصه : والظاهر أن قول إبراهيم * ( رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي ويُمِيتُ ) * جواب لسؤال سابق غير مذكور . وذلك لأنه من المعلوم أن الأنبياء بعثوا للدعوة إلى اللَّه ، ومتى ادعى الرسول الرسالة فإن المنكر يطالبه بإثبات أن للعالم إلها . فالظاهر هنا أن إبراهيم ادعى الرسالة فقال له نمرود : من ربك ؟ فقال إبراهيم : ربي الذي يحيى ويميت ، إلا أن تلك المقدمة حذفت لأن الواقعة تدل عليها ، ودليل إبراهيم في غاية الصحة لأن الخلق عاجزون عن الإحياء والإماتة وقدم ذكر الحياة على الموت هنا . لأن من شأن الدليل أن يكون في غاية الوضوح والقوة ، ولا شك أن عجائب الخلقة حال الحياة أكثر ، واطلاع الإنسان عليها أتم فلا جرم

593

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 593
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست