responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 556


ومن لم يعلم حالهم فها نحن أولاء نعلمه بها ونحيطه بما جرى لهم عن طريق هذا الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
والمقصود من هذه الآية الكريمة حض الناس جميعا على الاعتبار والاتعاظ وزجرهم عن الفرار من الموت هلعا وجبنا ، وتحريضهم على القتال في سبيل اللَّه فقد قال - تعالى - بعد ذلك : * ( وقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه . . ) * وإفهامهم أن الفرار من الموت لن يؤدى إلا إلى الوقوع فيه .
وقوله : * ( وهُمْ أُلُوفٌ ) * جملة حالية من الضمير في * ( خَرَجُوا ) * و * ( أُلُوفٌ ) * جمع ألف . والتعبير بألوف يفيد أنهم كانوا كثيرى العدد ، ومن شأن الكثرة أنها تدعو إلى الشجاعة ولكنهم مع هذه الكثرة قد استولى عليهم الجبن فخرجوا من ديارهم هربا من الموت .
وقيل إن معنى * ( وهُمْ أُلُوفٌ ) * أنهم خرجوا مؤتلفى القلوب ، ولم يخرجوا عن افتراق كان منهم ، ولا عن تباغض حدث بينهم . وألوف على هذا القول جمع آلف مثل قاعد وقعود وشهود . قالوا : والوجه الأول أجدر بالاتباع لأن ورد الموت عليهم وهم كثرة عظيمه يفيد مزيد اعتبار بحالهم ، ولأنه هو الظاهر من معنى الآية الكريمة .
وقوله : * ( حَذَرَ الْمَوْتِ ) * أى خرجوا الحذر الموت وخشيته ، فقوله : * ( حَذَرَ ) * منصوب على أنه مفعول لأجله . والجملة الكريمة تشير إلى أن خروجهم كان الباعث عليه الحرص على مطلق حياة ولو كانت حياة ذل ومهانة ، وأنه لم يكن هناك سبب معقول يحملهم على هذا الخروج ، ولذا كانت نتيجة ذلك أن عاقبهم اللَّه - تعالى - بالموت الذي هربوا منه فقال :
* ( فَقالَ لَهُمُ اللَّه مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ ) * أى : فقال لهم اللَّه موتوا فماتوا ثم أحياهم بعد ذلك .
فجملة * ( ثُمَّ أَحْياهُمْ ) * معطوفة على مقدر يستدعيه المقام أى ، فماتوا ثم أحياهم . وإنما حذف للدلالة على الاستغناء عن ذكره لاستحالة تخلف مراده - تعالى - عن إرادته .
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : ما معنى قوله : * ( فَقالَ لَهُمُ اللَّه مُوتُوا ) * قلت : معناه فأماتهم وإنما جيء به على هذه الصورة للدلالة على أنهم ماتوا ميتة رجل واحد بأمر اللَّه ومشيئته ، وتلك ميتة خارجة عن العادة ، كأنهم أمروا بشيء فامتثلوه امتثالا من غير إباء ولا توقف كقوله - تعالى - : إِنَّما أَمْرُه إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَه كُنْ فَيَكُونُ وهذا تشجيع للمسلمين على الجهاد والتعرض للشهادة ، وأن الموت إذا لم يكن منه بد ، ولم ينفع منه مفر ، فأولى أن يكون في سبيل اللَّه » « 1 » .
وقال الجمل : « فإن قلت هذا يقتضى أن هؤلاء ماتوا مرتين وهو مناف للمعروف من أن


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 290 .

556

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 556
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست