نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 547
تحفظك من ارتكاب المعاصي ، وتشفع لمصليها يوم القيامة » « 1 » . وللعلماء أقوال في المراد بالصلاة الوسطى التي أفردها اللَّه - تعالى - من بين الصلوات . فجمهور العلماء يرون أنها واحدة من بين الصلوات الخمس المفروضة ، وأن الوسطى مؤنث الأوسط أى الشيء المتوسط بين شيئين ، فالصلاة الوسطى هي الصلاة المتوسطة بين صلاتين ، إلا أنهم اختلفوا في تعيينها . فأكثر العلماء على أن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، لأنها تقع في وسط الصلوات الخمس ، إذ قبلها اثنتان وبعدها اثنتان ، ولأنها وسط بين صلاتي النهار ، وصلاتي الليل ، فمعنى التوسط فيها واضح ، ولأنها مظنة التقصير لمجيئها بعد وقت الظهيرة الذي يكون في الغالب وقت كسل . وفضلا عن ذلك فقد صرحت بعض الأحاديث بأنها صلاة العصر ، وقد ساق الإمام ابن كثير عددا من هذه الأحاديث ومنها ما جاء في صحيح مسلَّم ومسند الإمام أحمد عن على بن أبى طالب قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يوم الأحزاب : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ اللَّه قلوبهم وبيوتهم نارا ، ثم صلاها بين العشاءين المغرب والعشاء ، وفي مسند الإمام أحمد عن سمرة أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « الصلاة الوسطى صلاة العصر » . وقد خصت صلاة العصر بمزيد من التأكيد ، وبالأمر بالمحافظة عليها ، وبالتحذير من التقصير فيها ، مما يشهد بأنها هي الصلاة الوسطى ، فقد روى البخاري ومسلَّم عن ابن عمر أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله » أى : سلب من أهله وماله فبقى وحيدا بدونهما . وقال بعضهم المراد بالصلاة الوسطى صلاة الصبح ، وقيل صلاة الظهر ، وقيل صلاة المغرب ، وقيل العشاء ، وقيل الجمعة ، وقيل غير ذلك من الأقوال التي لا تبلغ في قوتها مبلغ قول القائلين بأنها صلاة العصر ، ولذا قال ابن كثير وكل هذه الأقوال فيها ضعف بالنسبة إلى التي قبلها ، ومعترك النزاع في الصبح والعصر ، وقد أثبتت السنة أنها العصر فتعين المصير إليها - أى إلى أن المراد بالصلاة الوسطى صلاة العصر « 2 » . ومن العلماء من اتجه في بيان المراد من الصلاة الوسطى اتجاها آخر فهو يرى أن المراد بالصلاة الوسطى الصلوات كلها ، وأن الوسطى ليست بمعنى المتوسطة بين صلاتين ، وإنما هي بمعنى
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 6 ص 157 . بتلخيص . ( 2 ) راجع تفسير ابن كثير ج 1 ص 291 وما بعدها .
547
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 547