responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 541


قوله - تعالى - : * ( ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ ) * أى ما لم تجامعوهن ولم تدخلوا بهن والمس في أصل معناه : اللمس ، ويقال فيما معه إدراك بحاسة اللمس ، ثم أطلق على سبيل الكناية على ما يكون بين المرء وزوجه من جماع ومباشرة وعلى غير ذلك مما يكون فيه إصابة حسية أو معنوية .
وهذه الكناية من ألطف الكنايات التي تربى في الإنسان حسن الأدب ، وسلامة التعبير ، وتجنبه النطق بالألفاظ الفاحشة . وقد تكرر هذا التعبير المهذب في القرآن الكريم ومن ذلك قوله - تعالى - حكاية عن مريم : قالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ ولَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ . . « 1 » .
والمراد بالفريضة هنا المهر الذي يفرضه الرجل على نفسه للمرأة قبل الدخول بها .
والمعنى : لا إثم عليكم أيها الرجال إذا طلقتم النساء لأسباب مشروعة ، وبطريقة مرضية ، قبل الدخول بهن ، وقبل أن تقدروا لهن مهرا معينا .
ثم بين - سبحانه - ما للمرأة على الرجل في هذه الحالة فقال : * ( ومَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُه وعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُه ، مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ ) * . .
قوله - تعالى - : * ( ومَتِّعُوهُنَّ ) * أى ملكوهن ما ينتفعن به ، ويدخل التسلية والسرور على نفوسهن . وأصل المتعة والمتاع ما ينتفع به الإنسان من مال أو كسوة أو غير ذلك ، ثم أطلقت المتعة على ما يعطيه الرجل للمرأة من مال أو غيره عند طلاقها منه لتنتفع به ، جبرا لخاطرها ، وتعويضا لما نالها بسبب هذا الفراق .
و * ( الْمُوسِعِ ) * هو الغنى الذي يكون في سعة من غناه . يقال : أوسع الرجل إذ كثر ماله ، واتسعت حاله . و * ( الْمُقْتِرِ ) * هو الفقير الذي يكون في ضيق من فقره . أقتر الرجل أى افتقر وقل ما في يده .
والمعنى : لا حرج عليكم في طلاقكم للنساء قبل أن تدخلوا بهن وقبل أن تقدروا لهن مهرا معينا ، وليس من حقهن عليكم في هذه الحالة أن يطالبنكم بالصداق ، وإنما من حقهن عليكم أن تمتعوهن بأن تدفعوا لهن ما ينتفعن به كل على حسب حاله وطاقته ، فالأغنياء يدفعون ما يناسب غناهم وسعتهم ، والفقراء يدفعون ما يناسب حالهم .
وقوله : * ( مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ ) * أى أعطوهن ما يتمتعن وينتفعن به بالقدر المتعارف عليه بين العقلاء ، فلا يعطى الغنى ما لا يتناسب مع غناه ولا مع حال المرأة التي طلقها ، ولا يعطى الفقير شيئا تافها لا يسمى في عرف العقلاء متاعا كما أنه لا يكلف فوق استطاعته ، لأن المتاع ما سمى بهذا الاسم إلا لأنه يتمتع به وينتفع به لفترة من الزمان .


( 1 ) سورة آل عمران الآية 47 .

541

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 541
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست