responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 538


وقوله : * ( إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً ) * استثناء مما يدل عليه النهى لا تواعدوهن مواعدة ما إلا مواعدة معروفة غير منكرة شرعا ، وهي ما تكون بطريق التلويح والتعريض .
وفي قوله سبحانه : * ( عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ ) * بيان لما جبلت عليه النفس البشرية من ميل فطري بين الرجال والنساء ، والإسلام لا ينكر هذا الميل وإنما يهذبه ويقومه ويصقله بآدابه الحميدة ، وتعاليمه السامية .
وقوله : * ( ولكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا ) * استدراك على محذوف دل عليه * ( سَتَذْكُرُونَهُنَّ ) * أى :
فاذكروهن * ( ولكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا ) * .
قال القرطبي ما ملخصه : واختلف العلماء في المراد بالسر في قوله - تعالى - : * ( ولكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا ) * فقيل معناه نكاحا ، أى لا يقل الرجل لهذه المعتدة تزوجيني بل يعرض إن أراد ، ولا يأخذ ميثاقها وعهدها ألا تنكح غيره في استسرار وخفية . هذا قول جمهور أهل العلم .
و « سرّا » على هذا التأويل نصب على الحال أى مسرين - وسمى النكاح سرّا لأن مسببه الذي هو الوطء مما يسر - وقيل السر الزنا ، أى لا يكونن منكم مواعدة على الزنا في العدة ثم التزوج بعدها . أى لا تواعدوهن زنا . واختاره الطبري . ومنه قول الأعشى :
< شعر > فلا تقربن جارة إن سرها عليك حرام فانكحن أو تأبدا < / شعر > أى : « فتزوجها أو ابتعد عنها . وقيل السر الجماع » « 1 » .
والذي تطمئن إليه النفس أن كلمة ( سرا ) صفة لموصوف محذوف أى لا تواعدهن وعدا سريا ، وأن النهى هنا منصب على كل مواعدة سرية ، يقال فيها كل ما ينهى عنه أو يستحيا منه في العلن ، لقبحه أو لأن أوانه لم يحن بعد ، إذ السرية أو الخلوة بين الرجل والمرأة لا تؤمن مزالقها . وفي الحديث الشريف أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما » « 2 » وأن المراد بقوله : * ( إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً ) * هو التعريض بالخطبة ، وإظهار المودة بطريقة لا تفضى إلى محرم .
قال صاحب الكشاف في قوله : * ( إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً ) * وهو أن تعرّضوا ولا تصرحوا .
فإن قلت بم يتعلق حرف الاستثناء ؟ قلت : بلا تواعدوهن . أى لا تواعدوهن مواعدة قط إلا مواعدة معروفة غير منكرة : أى لا تواعدوهن إلا بالتعريض « 3 » .
ثم قال - تعالى - : * ( ولا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتابُ أَجَلَه ) * .


( 1 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 190 . ( 2 ) الترغيب والترهيب للمنذرى ج 2 ص 38 . ( 3 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 284 .

538

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 538
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست