نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 535
وقد يرد سؤال ثالث وهو : لما ذا حددت العدة بأربعة أشهر وعشر ؟ وإن تقدير الأعداد كما يقرر الفقهاء أمر توقيفى خالص لا يجرى فيه القياس ولكن ليس معنى ذلك أنه لا حكمة فيه ، وأن الحكمة يقررها العلماء في أمرين : أولهما : أن الأشهر الأربعة هي التي يظهر فيها الحمل ويستبين ، وقد جعلت العشر بعدها للاحتياط . وثانيهما : أن مدة أربعة الأشهر هي المدة التي قررها الشارع أقصى مدة للحرمان من الرجال . ولذلك جعل الإيلاء مدته أربعة أشهر . . فكان من التنسيق بين الأحكام الشرعية أن تجعل مدة الإحداد على الزواج في حدود هذه المدة ومقاربة لها في الجملة » « 1 » . وقوله : * ( فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) * بيان لما يترتب على انتهاء المدة التي حددها الشرع للمرأة التي مات عنها زوجها . أى : فإذا انتهت المدة التي حددها الشرع للمرأة التي مات عنها زوجها لتتجنب فيها التزين والتعرض للنكاح . فلا حرج عليكم بعد ذلك أيها المسلمون أو أيها الأولياء - في ترك هؤلاء الزوجات الأرامل يفعلن في أنفسهن ما تفعله المرأة الراغبة في الزواج من التزين والتجمل ولكن بالطريقة التي يقرها الشرع ، وترضاها العقول السليمة ، والأخلاق المستقيمة . وقوله : * ( بِالْمَعْرُوفِ ) * متعلق بفعلن ، أو حال من النون أى حالة كونهن متلبسات بالمعروف . ومفهومه أنهن لو خرجن عن المعروف شرعا بأن تبرجن وأظهرن ما أمر اللَّه بستره فإنه في هذه الحالة يجب على أوليائهن أن يمنعوهن من ذلك . ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( واللَّه بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) * أى أنه محيط بدقائق أعمالكم لا يخفى عليه منها شيء فإذا وقفتم أنتم ونساؤكم عند حدوده أسعدكم في الدنيا وأجزل مثوبتكم في الآخرة ، وإن تجاورتم حدوده عاقبكم بما تستحقون يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ ولا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّه بِقَلْبٍ سَلِيمٍ . وبذلك نرى الآية الكريمة قد رسمت للناس أفضل وسائل الحياة الشريفة ، فأرشدت المرأة التي مات عنها زوجها إلى ما يحفظ لها كرامتها ، ويدفع عنها ما يتنافى مع العفة والشرف والوفاء . ثم بين - سبحانه - حكم الخطية للنساء المعتدات بيانا يقوم على أدب النفس ، وأدب الاجتماع ، ورعاية المشاعر والعواطف مع رعاية المصالح والضرورات فقال - تعالى - :
( 1 ) تفسير الآية الكريمة لفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهرة مجلة لواء الإسلام العدد الثامن السنة السادسة سنة 1952 .
535
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 535