نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 533
قال الإمام ابن كثير ما ملخصه : هذا أمر من اللَّه - تعالى - للنساء اللاتي يتوفى عنهن أزواجهن أن يعتددن أربعة أشهر وعشر ليال . وهذا الحكم يشمل الزوجات المدخول بهن وغير المدخول بالإجماع ، ومستند هذا الإجماع في غير المدخول بها عموم الآية الكريمة ، وهذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد وأهل السنن وصححه الترمذي أن ابن مسعود سئل عن رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها فقال : أقول فيها برأيى فإن يك صوابا فمن اللَّه ، وإن يك خطأ فمنى ومن الشيطان . واللَّه - تعالى - ورسوله بريئان منه : لها الصداق كاملا . وفي لفظ : لها صداق مثلها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث . فقام معقل بن يسار فقال : سمعت رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قضى به في بروع بنت واشق . ففرح عبد اللَّه بذلك فرحا شديدا . ولا يخرج من ذلك إلا المتوفى عنها زوجها وهي حامل فإن عدتها بوضع الحمل لعموم قوله - تعالى - : وأُولاتُ الأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وكان ابن عباس يرى أن عليها أن تتربص بأبعد الأجلين من الوضع أو أربعة أشهر وعشرة أيام للجمع بين الآيتين » « 1 » . وقوله : * ( والَّذِينَ ) * اسم موصول مبتدأ . و * ( يُتَوَفَّوْنَ ) * صلته ، و * ( مِنْكُمْ ) * في موضع النصب على الحال من الواو في * ( يُتَوَفَّوْنَ ) * و * ( يَتَرَبَّصْنَ ) * وما بعده خبر عن الذين والرابط محذوف والتقدير : يتربصن بعدهم أربعة أشهر وعشرا . والتعبير بقوله : * ( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ) * تعبير دقيق حكيم أى : عليهن أن يمنعن أنفسهن عن النكاح وعن التزين وعن الخروج من منزل الزوجية - إلا إذا كانت هناك ضرورة لهذا الخروج - مدة أربعة أشهر وعشرة أيام ، وذلك لأن المرأة المؤمنة الوفية يأبى عليها دينها ووفاؤها لزوجها المتوفى عنها ، أن تعرض نفسها على غيره بعد فترة قصيرة من وفاته ، فإن هذا أمر مستهجن في شرع اللَّه وفي عرف العقلاء من الناس . إذ هذه المدة التي جاءت في الآية التي حددها اللَّه - تعالى - لمعرفة براءة الرحم من الحمل ، وهي التي تخف فيها مرارة الفراق بين زوجين ربط اللَّه بينهما برابطة المودة والرحمة . ولقد ألغى الإسلام بهذا التشريع عادات جاهلية ظالمة للمرأة فقد كانت المرأة في الجاهلية إذا توفى عنها زوجها تغلق على نفسها مكانا ضيقا في بيتها وتقضى فيه عاما كاملا حدادا على زوجها فأبطل الإسلام ذلك ، ومن الأحاديث التي وردت في هذا المعنى ما ثبت في الصحيحين عن أم حبيبة وزينب بنت جحش - رضي اللَّه عنهما - أن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم قال : « لا يحل لامرأة تؤمن باللَّه واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا » .
( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 284 .
533
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 533