نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 525
وقوله : * ( واللَّه يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * رد على كل معترض على تطبيق شريعة اللَّه ، أو متهاون في ذلك بدعوى أنها ليست صالحة للظروف التي يعيش ذلك المعترض أو هذا المتهاون فيها ، لأن شرع اللَّه فيه النفع الدائم والمصلحة الحقيقية ، والنتائج المرضية ، لأنه شرع من يعلم كل شيء ولا يجهل شيئا ، ويعلم ما هو الأنفع والأصلح للناس في كل زمان ومكان ، ولم يشرع لهم - سبحانه - إلا ما فيه مصلحتهم ومنفعتهم ، وما دام علم اللَّه - تعالى - هو الكامل ، وعلم الإنسان علم قاصر ، فعلينا أن نتبع شرع اللَّه في كل شئوننا ، ولنقل لأولئك المعترضين أو المتهاونين : سيروا معنا في طريق الحق فذلكم * ( أَزْكى لَكُمْ وأَطْهَرُ واللَّه يَعْلَمُ وأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) * . وبعد : فهذه خمس آيات قد تحدثت عن جملة من الأحكام التي تتعلق بالطلاق ، وإذا كان الإسلام قد شرع الطلاق عند الضرورة التي تحتمها مصلحة الزوجين ، فإنه في الوقت نفسه قد وضع كثيرا من التعاليم التي يؤدى اتباعها إلى الإبقاء على الحياة الزوجية ، وعلى قيامها على المودة والرحمة ، ومن ذلك : 1 - أنه أرشد أتباعه إلى أفضل السبل لاختيار الزوج ، بأن جعل أساس الاختيار الدين والتقوى والخلق القويم ، لأنه متى كان كل من الزوجين متحليا بالإيمان والتقوى ، استقرت الحياة الزوجية بينهما ، وقامت على المودة والرحمة وحسن المعاشرة . 2 - أنه أمر كلا الزوجين بأن يبذل كل واحد منهما قصارى جهده في أداء حق صاحبه ، وإدخال السرور على نفسه ، فإذا ما نجم خلاف بينهما فعليهما أن يعالجاه بالحكمة والعدل ، وأن يجعلا الأناة والصبر رائدهما ، فإن الحياة الزوجية بحكم استمرارها وتشابك مطالبها لا تخلو من اختلاف بين الزوجين . 3 - دعا الإسلام إلى إصلاح ما بين الزوجين إن ابتدأت العلاقة تسير في غير طريق المودة ، فقال - تعالى - : وإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً والصُّلْحُ خَيْرٌ . . . كما دعا أولى الأمر أن يتدخلوا للإصلاح بين الزوجين عند نشوب الشقاق بينهما أو عند خوفه فقال - تعالى - : وإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِه وحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّه بَيْنَهُما إِنَّ اللَّه كانَ عَلِيماً خَبِيراً . 4 - نهى الإسلام عن إيقاع الطلاق على الزوجة في حال حيضها ، أو في حال طهر باشرها فيه ، لأن المرأة في هاتين الحالتين قد تكون على هيئة لا تجعل الرجل مشوقا إليها . . . وأباح له أن يوقع الطلاق في طهر لم يجامعها فيه ، لأن إيقاعه في هذه الحالة يكون دليلا على استحكام النفرة بينهما .
525
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 525