نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 522
والهزء - بضمتين - مصدر هزا به إذا سخر ولعب وهو هنا مصدر بمعنى اسم المفعول أى : مهزوءا بها . وقوله * ( هُزُواً ) * مفعول ثان لتتخذوا . والمراد بالحكمة هنا . السنة النبوية المطهرة . والموعظة والعظة : النصح والتذكير بالخير . بما يرقق القلوب ، ويحذر النفوس مما نهى اللَّه عنه . أى : ولا تتخذوا - أيها الناس - آيات اللَّه التي شرعها لكم في شأن الطلاق وغيره مهزوءا بها بأن تعرضوا عنها ، وتتهاونوا في المحافظة عليها ، والتمسك بتعاليمها ، ومن مظاهر ذلك أن بعض الناس كان يكثر من التلفظ بالطلاق متوهما أن ذلك لا يضر ، أو كان يتخذ المراجعة وسيلة لإيذاء المرأة . قال القرطبي : وفي موطأ مالك أنه بلغه أن رجلا قال لابن عباس : « إنى طلقت امرأتى مائة مرة فماذا ترى على ؟ فقال ابن عباس : طلقت منك بثلاث ، وسبع وتسعون اتخذت بها آيات اللَّه هزوا » « 1 » . والجملة الكريمة نهى أريد به الأمر بضده ، أى جدوا في العمل بأوامر اللَّه وآياته ، وارعوها حق رعايتها . وقوله : واذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ . إلخ أى تذكروها في هدايتكم إلى الإسلام ، وفي مشروعية الزوجية وفي غير ذلك مما لا يحصى من النعم وتدبروا نعم اللَّه عليكم فقابلوها بالشكر ، واستعملوها فيما خلقت له ، وتذكروا كذلك ما أنزل اللَّه عليكم بواسطة رسولكم محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم من الكتاب وهو القرآن الذي يهدى للتي هي أقوم ، ومن الحكمة وهي السنة النبوية المطهرة ، بما جاء فيهما من توجيهات سامية ، وآداب عالية . و « ما » في قوله : * ( وما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ ) * موصولة والعائد محذوف أى ما أنزله و « من » في قوله : * ( مِنَ الْكِتابِ ) * بيانية ، وجملة * ( يَعِظُكُمْ بِه ) * حال من فاعل أنزل أو من مفعوله ، والضمير في * ( بِه ) * يعود على الكتاب والحكمة بعد تأويلهما بالمذكور . وجعل ضميرهما واحدا لأنهما في مؤداهما وغايتهما شيء واحد ، فالسنة ليست نابعة إلا من الكتاب ومنه أخذت قوتها وسلطانها . وقوله - سبحانه - : في ختام الآية * ( واتَّقُوا اللَّه واعْلَمُوا أَنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) * تذكير لهم بتقوى اللَّه وخشيته ومراقبته ، وتحذير لهم من مخالفة أمره .
( 1 ) تفسير القرطبي ج 3 ص 156 .
522
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 522