نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 521
أى اتخذوا المسجد ضررا ليضاروا المؤمنين ، ومعناه يرجع إلى إثارة العداوة ، وإزالة الألفة ، وإيقاع الوحشة ، وموجبات النفرة « . والمعنى : وإذا طلقتم - أيها المؤمنون - نساءكم طلاقا رجعيا ، * ( فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) * أى فشارفت عدتهن على الانتهاء ، وقاربت الانقضاء ، فعليكم أن تتدبروا مليا في أمركم ، فإن رأيتم الأصلح في بقائهن معكم فنفذوا ذلك وأمسكوهن بمعروف . أى بما هو المعروف من شرع اللَّه الحكيم ، وبما تقره الأخلاق الحسنة والعقول السليمة . وإن رأيتم أنه لا رغبة لكم في البقاء معهن فسرحوهن بمعروف أى فأمضوا الطلاق ، وتفارقوا بالطريقة التي يرضاها الحق - سبحانه - بأن تؤدوا لهن حقوقهن . ولا تذكروهن بسوء بعد انفصالكم عنهن ، فهذا شأن الأتقياء الصالحين فقد سئل بعضهم ، لم طلقت امرأتك ؟ فقال : إن العاقل لا يذكر ما بينه وبين أهله . قال القرطبي : معنى * ( فَبَلَغْنَ ) * قاربن بإجماع من العلماء ، ولأن المعنى يضطر إلى ذلك ، لأنه بعد بلوغ الأجل لا خيار له في الإمساك ، وهو في الآية التي بعدها بمعنى الانتهاء ، لأن المعنى يقتضى ذلك ، فهو حقيقة في الثانية ، مجاز في الأولى - أى التي معنا - « . ثم نهى - سبحانه - عن الإمساك الذي يكون معه الضرر فقال . * ( ولا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا ) * أى لا تراجعوهن إرادة الضرر بهن والإيذاء لهن لتعتدوا عليهن ، والجملة الكريمة تأكيد للأمر بالإمساك بمعروف ، وتوضيح لمعناه ، وزجر صريح عما كان يفعله يعضهم من مراجعته لامرأته قبل انتهاء عدتها لا لقصد الإبقاء على الزوجية وإنما القصد إطالة عدة الزوجة ، أو لقصد أن تفتدى نفسها منه بالمال : و * ( ضِراراً ) * منصوب على الحال في تمسكوهن أو على أنه مفعول لأجله . واللام في قوله : * ( لِتَعْتَدُوا ) * هي لام العاقبة أى لتكون عاقبة أمركم الاعتداء . وحذف متعلق « لتعتدوا » ليتناول الاعتداء عليهن وعلى أحكام اللَّه - تعالى - . وقوله : * ( ومَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه ) * وعيد شديد لمن يقدم على ما نهى اللَّه عنه . أى : ومن يراجع مطلقته بقصد الإضرار بها والاعتداء عليها فقد ظلم نفسه ظلما مؤكدا ، لأنه سيعرضها لعقاب اللَّه وسخط الناس . وجعل ظلمهم لنسائهم ظلما لأنفسهم ، لأن عملهم هذا سيؤدي إلى اختلال المعاشرة الزوجية واضطرابها ، وشيوع العداوة والبغضاء بين الزوجين وبين أهلهما . ثم كرر - سبحانه - تحذير المخالفين لشريعته ، وذكرهم بألوان نعمه عليهم ليستجيبوا لأمره فقال : * ( ولا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّه هُزُواً ، واذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّه عَلَيْكُمْ وما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ والْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِه ) * . آيات اللَّه : أحكامه التي شرعها في شأن الطلاق وغيره .
521
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 521