responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 517


صحيح البخاري عن ابن عباس : أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فقالت : يا رسول اللَّه إن زوجي ثابت بن قيس - ما أعيب عليه في خلق ولا دين ، ولكن أكره الكفر في الإسلام - أى أكره عدم الوفاء بحقه لبغضي له - . فقال لها رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أتردين عليه حديقته ؟ - وهي المهر الذي أمهرها - قالت : نعم ، قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم لثابت : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة » « 1 » .
قالوا : ففرق رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بينهما بطريق الخلع فكان أول خلع في الإسلام .
ثم ختم - سبحانه - الآية بقوله : * ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّه فَلا تَعْتَدُوها ومَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّه فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) * .
أى : تلك الأحكام العظيمة الحكيمة المتقدمة التي بينتها لكم في شأن الطلاق والرجعة والخلع وغير ذلك حدود اللَّه التي حدها ، فلا يجوز لكم أن أن تخالفوها ، ومن يتعد هذه الحدود فأولئك هم الظالمون لأنفسهم بتعريضها لسخط اللَّه وعقابه .
وكانت الإشارة للبعيد * ( تِلْكَ ) * لبيان سمو قدر هذه الأحكام ، وعظم منزلتها ، وجلال ما فيها من مصالح واضحة لأصحاب العقول السليمة .
وسميت هذه الأحكام حدودا للإشارة إلى أنها فواصل بين الحق والباطل ، والظلم والعدل والمنفعة والمضرة . إذ الحد هو الحاجز بين الشيئين الذي يمنع اختلاط أحدهما بالآخر . يقال :
حددت كذا أى جعلت له حدا يميزه . وحد الدار ما تتميز به عن غيرها . .
وفي إضافة هذه الحدود إليه - سبحانه - إشعار بأن مخالفتها إنما هي مخالفة له - سبحانه - وأن هذه الحدود لا يتطرق إليها الريب لأنها صادرة من العليم الخبير الذي أحسن كل شيء خلقه .
والفاء في قوله : * ( فَلا تَعْتَدُوها ) * للتفريع أى : إذا كانت هذه الأحكام حدود اللَّه فلا يصح لكم أن تتجاوزوها لأن تجاوزها يؤدى إلى سوء العقبى .
وعبر في قوله : * ( فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) * بفاء السببية وباسم الإشارة وبضمير الفصل وبالجملة الاسمية لتأكيد معنى السببية وللإشارة إلى أن الظلم شأن من شئونهم وصفة يتميزون بها عن غيرهم .
وقد جاء - سبحانه - بكل هذه المؤكدات في تلك الجملة الكريمة لكبح جماح غرور الإنسان ، وتحذيره من الانقياد لهواه وأوهامه ، فكثيرا ما يتوهم بعض الناس أن أحكام اللَّه ليست ملائمة لمقتضى الزمان الذي يعيشون فيه ، ويحاولون إخضاع شرع اللَّه - تعالى -


( 1 ) تفسير ابن كثير ج 1 ص 274 .

517

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 517
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست