responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 508


وقوله : * ( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ) * جملة خبرية اللفظ إنشائية المعنى أى « ليتربصن » وإخراج الأمر في صورة الخبر - كما يقول الزمخشري - « تأكيد للأمر ، وإشعار بأنه مما يجب أن يتلقى بالمسارعة إلى امتثاله ، فكأنهن امتثلن الأمر بالتربص . فهو يخبر عنه موجودا . ونحوه قولهم في الدعاء : « رحمك اللَّه « أخرج في صورة الخبر ثقة بالاستجابة . كأنما وجدت الرحمة فهو يخبر عنها وبناؤه على المبتدأ مما زاده أيضا فضل توكيد . ولو قيل : « ويتربص المطلقات « لم يكن بتلك الوكادة » « 1 » .
وفي قوله - تعالى - : * ( والْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ) * ما فيه من الإبداع في الإشارة والنزاهة في العبارة والسمو في المعنى ، وذلك لأن المرأة المطلقة كثيرا ما تشعر بعد طلاقها بأنها في حاجة إلى أن تثبت أن إخفاقها في حياتها الزوجية السابقة ليس لنقص فيها ، أو لعجز عن إنشاء حياة زوجية أخرى ، وهذا الشعور قد يدفعها إلى التسرع والاندفاع من أجل إنشاء هذه الحياة ، وهنا تبرز طريقة القرآن الحكيمة في معالجة النفوس ، إنه يقول للمطلقة : إن التطلع إلى إنشاء حياة زوجية أخرى ليس عيبا ، ولكن الكرامة توجب عليها الانتظار والتريث ، إذ لا يليق بالحرة الكريمة أن تتنقل بين الأزواج تنقلا سريعا . . وأيضا فإن نداء الفطرة ، وتعاليم الشريعة توجبان عليها الانتظار مدة ثلاثة قروء ، لكي تستبرئ رحمها ، حتى إذا كان هناك حمل نسب إلى الأب الشرعي له .
وفي قوله - تعالى - : * ( يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ) * إشعار بأن هذا التربص يجب أن يكون من ذات أنفسهن وليس من عامل خارجى ، فشأن الحرة الكريمة المؤمنة أن تحجز نفسها بنفسها عن كل ما يتنافى مع الكرامة والشرف ، فقد تجوع الحرة ولكنها لا تأكل بثديها - كما يقولون - .
وقد أشار صاحب الكشاف إلى المعنى بقوله : فإن قلت وما معنى ذكر الأنفس - هنا - ؟
قلت : في ذكر الأنفس تهييج لهن على التربص وزيادة بعث ، لأن فيه ما يستنكفن منه فيحملهن على أن يتربصن . وذلك أن أنفس النساء طوامح إلى الرجال . فأمرن أن يقمعن أنفسهن ، ويغلبنها على الطموح ، ويجبرنها على التربص » « 2 » .
وقوله - تعالى - : * ( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) * نصب ثلاثة على النيابة عن المفعول فيه ، لأن الكلام على تقدير مضاف ، أى مدة ثلاثة قروء . فلما حذف المضاف خلفه المضاف إليه في الإعراب .
هذا وللعلماء رأيان شهيران في المراد بقوله - تعالى - : * ( ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) * .


( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 271 . ( 2 ) تفسير الكشاف ج 1 صفحة 271 .

508

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 508
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست