نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 495
حتى يطهرن من ذلك ، لأن غشيانهن في هذه الحالة يؤذيكم بسبب عدم نقاء المحل الذي يكون فيه الغشيان للمرأة ، والمرأة أيضا تتأذى من مباشرتها في زمن الحيض لأنها لا تكون في حالة تستسيغ معها المباشرة ، فجهازها التناسلى في حالة اضطراب ، وهيئتها العامة في حالة تجعلها من شأنها أن تنفر من الجماع ، والولد الذي يأتى عن طريق الجماع في حالة الحيض - على فرض إتيانه في هذه الحالة - كثيرا ما يأتى مشوها ضعيفا ، لأن النطفة إذا اختلطت بدم الحيض ، أخذت البويضات في التخلق قبل وقت صلاحيتها للتخلق النافع الذي يكون وقته بعد انتهاء فترة الحيض وقد قال بذلك الأطباء الثقاة « 1 » . وعرفه العرب القدامى بالتجربة ، قال أبو كبير الهذلى . < شعر > ومبرأ من كل غبّر حيضة وفساد مرضعة وداء معضل « 2 » < / شعر > وقد أجمع العلماء - كما بينا - على أن المراد بالاعتزال هو اجتناب المباشرة ، إلا أنهم اختلفوا فيما يجب اعتزاله من المرأة بعد ذلك . فبعضهم يرى اعتزال جميع بدن المرأة ، وحجتهم أن اللَّه أمر باعتزال النساء ولم يخصص من ذلك شيئا دون شيء . وبعضهم يرى اعتزال موضع الأذى - أى مكان خروج الدم - لقول النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم « اصنعوا كل شيء إلا النكاح » . وبعضهم يرى اعتزال ما بين السرة إلى الركبة من المرأة وله ما سوى ذلك ، لقول عائشة : كانت إحدانا إذا كانت حائضة أمرها النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أن تأتزر ثم يباشرها . وقوله : * ( ولا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ) * تأكيد لحكم الاعتزال وتقرير له ، وتنبيه على أن المراد به عدم جماعهن لا عدم القرب منهن أو مخالطتهن أو الأكل معهن كما كان يفعل اليهود وبعض العرب . والدليل على ذلك ما جاء في الصحيحين عن عائشة - رضي اللَّه عنها - قالت : « كنت أرجل رأس رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم وأنا حائض » . وروى البخاري عن عائشة - أيضا - قالت : كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن « 3 » .
( 1 ) راجع تفسير « التحرير والتنوير » ج 2 ص 350 للشيخ محمد بن عاشور . ( 2 ) غبر الحيضة : جمع غبرة وهي آخر الشيء . يريد أن يقول : إن أم هذا الممدوح لم تحمل به في آخر مدة الحيض لذا جاء مستقيم الخلقة . ( 3 ) صحيح البخاري : كتاب الحيض ج 1 ص 82 .
495
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 495