نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 491
والنهى هنا يتناول المشرك الذي يعبد الأوثان ويتناول غيره ممن لا يدين بالإسلام كأهل الكتاب ، لأن القرآن قد جعل الإيمان غاية للنهى ، فإذا لم يكن هناك إيمان من الرجل لم يكن له أن يتزوج من المرأة المؤمنة ، لأن اللَّه - تعالى - يقول في آية أخرى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّه أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ ولا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ، وآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا ، ولا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ولا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ . فهذه الآية صريحة في أن زواج المسلمة بالكافر لا يجوز ، وكلمة كافر تشمل أهل الكتاب بدليل قوله - تعالى - : لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ . . وقوله تعالى ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ ولَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ . قال الفخر الرازي : لا خلاف هاهنا في أن المراد به - أى بلفظ المشركين - الكل ، وأن المؤمنة لا يحل تزويجها من الكافر ألبتة على اختلاف أنواع الكفرة « 1 » . وقوله : * ( ولَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ ولَوْ أَعْجَبَكُمْ ) * بيان لفضل الإيمان على الشرك ، كما في قوله - تعالى - : * ( ولأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ ) * إذ نسبة المؤمن أو المؤمنة إلى هذا الدين الذي ارتضاه اللَّه لعباده أفضل وأجل من الانتساب إلى أى شيء آخر . ثم بين - سبحانه - علة النهى عن الزواج بالمشركين والمشركات فقال - تعالى - : * ( أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ واللَّه يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ والْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِه ) * . أى : أولئك المذكورون من المشركين والمشركات يدعون من يقارنهم ويعاشرهم إلى الأقوال والأفعال والعقائد التي تقضى بصاحبها إلى دخول النار في الآخرة واللَّه - تعالى - يدعو عباده على ألسنة رسله إلى الأقوال والأعمال والعقائد التي توصل إلى جنته ومغفرته . فالمراد بالدعاء إلى النار الدعاء إلى أسبابها وإلى ما يوصل إليها ، وكان الاقتران بهؤلاء المشركين والمشركات سببا في الوصول إليها ، لأن الزواج من شأنه الألفة والمودة والمحبة وشدة الاتصال ، وكل ذلك يجعل المسلَّم أو المسلمة يتقبلان ما عليه المشرك أو المشركة من فسوق وعصيان للَّه - تعالى - بل ربما بمرور الأيام لا يكتفيان بالتقبل بل يستحسنان فعلهما ، وبذلك تنحل عرا الإسلام من نفس المسلَّم والمسلمة عروة فعروة ، حتى لا يبقى منه سوى الاسم ، كما نشاهد ذلك في كثير من المسلمين الذين تزوجوا بغير مسلمات . والمقصود من قوله - تعالى - : * ( واللَّه يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ ) * إغراء المؤمنين بالتمسك بتعاليم
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 6 صفحة 64 .
491
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 491