نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 455
أى ، والذين اتقوا اللَّه - تعالى - وصانوا أنفسهم عن كل سوء فوق أولئك الكافرين مكانة ومكانا يوم القيامة ، لأن تقواهم قد رفعتهم إلى أعلى عليين ، أما الذين كفروا فإن كفرهم قد هبط بهم إلى النار وبئس القرار . قال صاحب الكشاف : فإن قلت : لم قال « من الذين آمنوا » ثم قال : * ( والَّذِينَ اتَّقَوْا ) * ؟ قلت : ليريك أنه لا يسعد عنده إلا المؤمن التقى ، وليكون بعثا للمؤمنين على التقوى إذا سمعوا ذلك « 1 » . وقيدت الفوقية بيوم القيامة للتنصيص على دوامها ، لأن ذلك اليوم هو مبدأ الحياة الأبدية ، ولإدخال السرور والتسلية على قلوب المؤمنين حتى لا يتسرب اليأس إلى قلوبهم بسبب إيذاء الكافرين لهم في الدنيا . وقوله : * ( واللَّه يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ ) * تذييل قصد به تشريف المؤمنين ، وبيان عظم ثوابهم . أى : واللَّه يرزق من يشاء بغير حساب من المرزوق . أو بلا حصر وعد لما يعطيه . أو أنه لا يخاف نفاد ما في خزائنه حتى يحتاج إلى حساب لما يخرج منها . فهو - سبحانه - الذي يعطى ويمنع ، وليس عطاؤه في الدنيا دليل رضاه عن المعطى فقد يعطى الكافر وهو غير راض عنه ، أما عطاؤه في الآخرة فهو دليل رضاه عمن أعطاه . قال الأستاذ الإمام : إن الرزق بلا حساب ولا سعى في الدنيا إنما يصح بالنسبة إلى الأفراد ، فإنك ترى كثيرا من الأبرار وكثيرا من الفجار أغنياء موسرين متمتعين بسعة الرزق ، وكثيرا من الفريقين فقراء معسرين ، والمتقى يكون دائما أسعد حالا وأكثر احتمالا ، ومحلا لعناية اللَّه به فلا يؤلمه الفقر كما يؤلم الفاجر لأنه يجد في التقوى مخرجا من كل ضيق . . . وأما الأمم فأمرها على غير هذا ، فإن الأمة التي ترونها فقيرة ذليلة لا يمكن أن تكون متقية لأسباب نقم اللَّه وسخطه . . وليس من سنة اللَّه أن يرزق الأمة العزة والثروة وهي لا تعمل ، وإنما يعطيها بعملها ويسلبها بزللها . . » « 2 » . ثم بين - سبحانه - أحوال الناس ، وأنهم في حاجة إلى الرسل ليبشروهم وينذروهم ويحكموا بينهم بالحق فيما اختلفوا فيه فقال - تعالى - :
( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 255 . ( 2 ) تفسير المنار ج 2 ص 274 بتلخيص .
455
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 455