نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 415
وسبيل اللَّه هو دينه ، فكل ما أمر اللَّه به في دينه من الإنفاق فهو داخل في الآية سواء أكان إنفاقا في حج أو في صلة رحم أو غير ذلك ، إلا أن الأقرب في هذه الآية - وقد تقدم ذكر الجهاد - أنه يراد به الإنفاق في الجهاد ، وقوله * ( فِي سَبِيلِ اللَّه ) * كالتنبيه على العلة في وجوب هذا الإنفاق ، وذلك لأن المال مال اللَّه فيجب إنفاقه في سبيله ، ولأن المؤمن إذا سمع ذكر اللَّه اهتز ونشط فيسهل عليه إنفاق المال « 1 » . و * ( تُلْقُوا ) * من الإلقاء وهو طرح الشيء من اليد . قال الجمل : والباء في قوله : * ( بِأَيْدِيكُمْ ) * تحتمل وجهين : أحدهما : أنها زائدة في المفعول به لأن ألقى يتعدى بنفسه ، قال - تعالى - : فَأَلْقى عَصاه . والثاني : أن يضمن ألقى معنى فعل يتعدى بالباء فيتعدى تعديته فيكون المفعول به في الحقيقة هو المجرور بالباء تقديره ، ولا تفضوا بأيديكم إلى التهلكة كقوله : أفضيت بجنبي إلى الأرض أى : طرحته على الأرض » « 2 » . والمراد بالأيدى : الأنفس ، من باب ذكر الجزء وإرادة الكل ، لأن أكثر ظهور أفعال النفس تكون عن طريق اليد . والتهلكة : الهلاك والموت . أو كل شيء تصير عاقبته إليه . مصدر هلك يهلك هلكا وهلاكا وتهلكة . والجملة الكريمة معطوفة على جملة * ( وقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّه الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ . . ) * ألخ ، لأنهم لما أمروا بقتال عدوهم ، وكان أوفر منهم عدة وعددا ، كلفهم بالاستعداد له عن طريق إنفاق الكثير من أموالهم في سبيل إعلاء كلمة اللَّه لأن هذا الإنفاق من أقوى الوسائل التي توصل إلى النصر . والمعنى : عليكم ، أيها المؤمنون - أن تقاتلوا في سبيل اللَّه من قاتلكم ، وأن تنفقوا من أجل إعلاء كلمة اللَّه أموالكم ، ولا تلقوا أنفسكم فيما فيه هلاككم في دين أو دنيا ، بسبب ترككم الجهاد وبخلكم عن الإنفاق فيه مع القدرة على ذلك . ويشهد لهذا المعنى ما أخرجه الترمذي وغيره عن أبى عمران قال : كنا بمدينة الروم القسطنطينية - فأخرجوا إلينا صفا عظيما من الروم . فخرج إليهم من المسلمين مثلهم فحمل
( 1 ) تفسير الفخر الرازي ج 5 ص 148 بتصرف وتلخيص . ( 2 ) حاشية الجمل على الجلالين ج 1 ص 155 .
415
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 415