نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 414
تبالوا أن تقاتلوهم فيه دفاعا عن أنفسكم ، إذ هم البادئون بهتك حرمته . وقوله : * ( والْحُرُماتُ قِصاصٌ ) * متضمن لإقامة الحجة على الحكم السابق والحرمات : جمع حرمة ، وهي ما يحفظ ويرعى ولا ينتهك . والقصاص : المساواة . أى ، وكل حرمة يجرى فيها القصاص . فمن هتك أية حرمة اقتص منه بأن تهتك له حرمة . والمراد : أن المشركين إذا أقدموا على مقاتلتكم - أيها المؤمنون - في الحرم أو في الشهر الحرام ، فقاتلوهم أنتم أيضا على سبيل القصاص والمجازاة بالمثل ، حتى لا يتخذوا الأشهر الحرم ذريعة للغدر والإضرار بكم . ثم أكد - سبحانه - هذا المعنى بقوله : * ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْه بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) * . أى : فمن اعتدى عليكم وظلمكم فجازوه باعتدائه وقابلوه بمثل ما اعتدى عليكم بدون حيف أو تجاوز للحد الذي أباحه اللَّه لكم . وسمى جزاء الاعتداء اعتداء على سبيل المشاكلة . قال الآلوسى : واستدل الشافعى بالآية على أن القاتل يقتل بمثل ما قتل به من محدد أو خنق أو حرق أو تجويع أو تغريق . حتى لو ألقاه في ماء عذب لم يلق في ماء ملح . واستدل بها أيضا على أن من غصب شيئا وأتلفه لزمه رد مثله ، ثم إن المثل قد يكون من طريق الصورة - كما في ذوات الأمثال - وقد يكون من طريق المعنى كالقيم فيما لا مثل له « 1 » . ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بالأمر بالتقوى والخشية منه فقال : * ( واتَّقُوا اللَّه واعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ ) * . أى : اتقوا اللَّه وراقبوه في الانتصار لأنفسكم ، وترك الاعتداء فيما لم يرخص لكم فيه ، واعلموا أن اللَّه مع الذين يمتثلون أمره ويجتنبون نهيه بالنصر والرعاية والتأييد . ثم أمر اللَّه - تعالى - المؤمنين ببذل المال من أجل إعلاء كلمته ، ونصرة دينه ، فقال : * ( وأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّه ولا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) * . قال الإمام الرازي : الإنفاق هو صرف المال إلى وجوه المصالح فلذلك لا يقال في المضيع : إنه منفق . فإذا قيد الإنفاق بذكر سبيل اللَّه ، فالمراد به طريق الدين ، لأن السبيل هو الطريق ،
( 1 ) تفسير الآلوسى ج 1 ص 77 .
414
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 414