نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 40
وإن جعلت * ( الم ) * بمنزلة الصوت ، كان « ذلك » مبتدأ خبره « الكتاب » ، أى : ذلك الكتاب المنزل هو الكتاب الكامل « 1 » . . . أه ملخصا . وقيل : المشار إليه * ( الم ) * على أنه اسم للسورة والمراد المسمى . و * ( الْكِتابُ ) * مصدر كتب كالكتب ، وأصل الكتب ضم أديم إلى أديم بالخياطة . واستعمل عرفا في ضم الحروف بعضها إلى بعض بالخط ، وأريد به هنا المنظوم عبارة قبل أن تنظم حروفه التي يتألف منها في الخط ، تسمية للشيء باسم ما يؤول إليه . و ( الريب ) في الأصل مصدر رابه الأمر إذا حصل عنده فيه ريبة ، وحقيقة الريبة ، قلق النفس واضطرابها ، ثم استعمل في معنى الشك مطلقا . وقال ابن الأثير : الريب هو الشك مع التهمة . و ( هدى ) . مصدر هداه هدى وهداية وهدية - بكسرها - فهدى ، ومعناه الدلالة الموصلة إلى البغية ، وضده الضلال . و ( المتقون ) جمع متق ، اسم فاعل من اتقى وأصله اوتقى - بوزن افتعل - من وقى الشيء وقاية ، أى : صانه وحفظه مما يضره ويؤذيه . والمعنى : ذلك الكتاب الكامل ، وهو القرآن الكريم ، ليس محلا لأن يرتاب عاقل أو منصف في أنه منزل من عند اللَّه ، وأنه هداية وإرشاد للمتقين الذين يجتنبون كل مكروه من قول أو فعل ، حتى يصونوا أنفسهم عما يضرها ويؤذيها . وكانت الإشارة بصيغة البعيد ، لأنه سامى المنزلة أينما توجهت إليه ، فإن نظرت إليه من ناحية تراكيبه فهو معجز للبلغاء ، وإن نظرت إليه من ناحية معانيه فهو فوق مدارك الحكماء ، وإن نظرت إليه من ناحية قصصه وتاريخه فهو أصدق محدث عن الماضين ، وأدق محدد لتاريخ السابقين ، فلا جرم أن كانت الإشارة في الآية باستعمال اسم الإشارة للبعيد لإظهار رفعة شأن هذا القرآن ، وقد شاع في كلام البلغاء تمثيل الأمر الشريف بالشيء المرفوع في عزة المنال ، لأن الشيء النفيس عزيز على أهله ، فمن العادة أن يجعلوه في مكان مرتفع بعيد عن الأيدى . وصحت الإشارة إلى الكتاب وهو لم ينزل كله بعد ، لأن الإشارة إلى بعضه كالإشارة إلى الكل حيث كان بصدد الإنزال ، فهو حاضر في الأذهان ، فشبه بالحاضر في العيان . ونفى عنه الريب على سبيل الاستغراق مع وقوع الريب فيه من المشركين حيث وصفوه بأنه
( 1 ) تفسير الكشاف ج 1 ص 33 .
40
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 40