responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 404


ذو الحجة إلى شهر آخر غير حرام ، وهو النسيء المشار إليه بقوله - تعالى - : إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ .
وخص الشارع المواقيت بالأهلة وأشهرها دون الشمس وأشهرها ، لأن الأشهر الهلالية تعرف برؤية الهلال ومحاقه ، وذلك ما لا يخفى على أحد من الخاصة أو العامة أينما كانوا ، بخلاف الأشهر الشمسية . فإن معرفتها تنبنى على النظر في حركات الفلك وهي لا تتيسر إلا للعارفين بدقائق علم الفلك .
هذا ، ومن الروايات التي وردت في سبب نزول هذه الآية ما رواه أبو نعيم وابن عساكر عن ابن عباس قال : نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم قالا : يا رسول اللَّه . ما بال الهلال يبدو - أو يطلع - دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستدير ، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان ، لا يكون على حال واحد ؟ فنزلت .
وعلى هذه الرواية يكون الجواب بقوله - تعالى - : * ( قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ والْحَجِّ ) * من قبيل أسلوب الحكيم ، وهو إجابة السائل بغير ما يتطلبه سؤاله ، بتنزيل سؤاله منزلة غيره ، تنبيها له على أن ذلك الغير هو الأولى بالسؤال لأنه هو المهم بالنسبة له .
فأنت ترى هنا أن السائلين قد سألوا عن سبب اختلاف الأهلة بالزيادة والنقصان ، فأجيبوا ببيان الحكمة من خلقها ، فكأنه - سبحانه - يقول لهم : عليكم أن تسألوا عن الحكمة والفائدة من خلق الأهلة لأن هذا هو الأليق بحالكم وهو ما أجبتكم عليه ، لا أن تسألوا عن سبب تزايدها في أول الشهر وتناقصها في آخره ، لأن هذا من اختصاص علماء الهيئة ، وأنتم لستم في حاجة إلى معرفة ذلك في هذا الوقت .
ولعلماء البلاغة كلام جيد في مزايا ما يسمونه بأسلوب الحكيم ، فقد قال السكاكي ما ملخصه : « ولهذا النوع - أعنى إخراج الكلام لا على مقتضى الظاهر - أساليب متفننة ، ولكل من تلك الأساليب عرق في البلاغة يتشرب من أفانين سحرها ، ولا كأسلوب الحكيم فيها . وهو تلقى المخاطب بغير ما يترقب ، أو السائل بغير ما يتطلب ، كما قال - تعالى - : * ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ ) * الآية . قالوا في السؤال . ما بال الهلال يبدو دقيقا . . ألخ فأجيبوا بما ترى . وإن هذا الأسلوب الحكيم لربما صادف المقام فحرك من نشاط السامع ما سلبه حكم الوقور ، وأبرزه في معرض المسحور ، وهل ألان شكيمة » الحجاج الثقفي « لذلك الرجل الخارجي ، وسل سخيمته ، حتى آثر أن يحسن على أن يسيء غير أن سحره بهذا الأسلوب ؟ إذ توعده الحجاج بالقيد في قوله » لأحملنك على الأدهم « فقال الخارجي متغابيا : مثل الأمير بحمل على الأدهم الأشهب . مبرزا وعيده في معرض الوعد ، متوصلا أن يريه بألطف وجه : أن رجلا مثله جدير

404

نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي    جلد : 1  صفحه : 404
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست