نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 397
والمعنى : لقد أبحنا لكم مباشرة النساء في ليالي الصوم ، وأبحنا لكم كذلك أن تأكلوا وأن تشربوا في هذه الليالى حتى يتبين لكم بياض الفجر من سواد الليل . قال الإمام الرازي : والْفَجْرِ مصدر قولك : فجرت الماء أفجره فجرا ، وفجرته تفجيرا ، قال الأزهرى : الفجر أصله الشق ، فعلى هذا الفجر في آخر الليل هو انشقاق ظلمة الليل بنور الصبح . وقد وردت روايات صحيحة تفيد أن قوله : * ( مِنَ الْفَجْرِ ) * قد تأخر نزوله عن الجمل السابقة له . ففي الصحيحين عن سهل بن سعد قال أنزلت * ( وكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ ) * ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود ، ويأكل حتى يتبين له رؤيتها ، فأنزل اللَّه بعده * ( مِنَ الْفَجْرِ ) * فعلموا أنه يعنى الليل والنهار . ورويا أيضا عن عدى بن حاتم قال : لما نزلت هذه الآية * ( وكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) * عمدت إلى عقالين لي أسود وأبيض فجعلتهما تحت وسادتي وجعلت أنظر في الليل إليهما فلا يتبين لي ، فعمدت إلى رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم فذكرت ذلك فقال : « إنما ذلك سواد الليل وبياض النهار » ونزل قوله - تعالى - : * ( مِنَ الْفَجْرِ ) * . وشبه بياض النهار وسواد الليل بالخيطين : الأبيض والأسود لأن أول ما يبدو من الفجر المعترض في الأفق وما يمتد معه من غبش الليل يكون كالخيط الممدود . وفي الإتيان بلفظ التفعل في قوله : * ( حَتَّى يَتَبَيَّنَ . . ) * إشعار بأنه لا يكفى إلا التبين الواضح لا مجرد التوهم ، فقد روى الإمام مسلَّم في صحيحة عن سمرة بن جندب قال : قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم : « لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر - أو قال - حتى ينفجر الفجر » . وقوله : * ( مِنَ الْفَجْرِ ) * بيان للخيط الأبيض . واكتفى به عن بيان الخيط الأسود ، لأن بيان أحدهما بيان للثاني ، ويجوز أن تكون « من » للتبعيض ، أى : من بعض الفجر . وقوله - تعالى - : * ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ) * بيان لانتهاء وقت الصيام بعد أن بينت الجملة السابقة بدايته . أى : ابدؤا صومكم من طلوع الفجر وانتهوا منه بدخول الليل عند غروب الشمس ، إذ الليل لبس بوقت الصيام . قال الإمام الرازي : كلمة * ( إِلى ) * لانتهاء الغاية ، فظاهر الآية : أن الصوم ينتهى عند دخول الليل ، وذلك لأن غاية الشيء مقطعة ومنتهاه وإنما يكون مقطعا ومنتهى إذا لم يبق بعد ذلك . وقد تجيء هذه الكلمة لا للانتهاء كما في قوله - تعالى - : إِلَى الْمَرافِقِ إلا أن ذلك على
397
نام کتاب : التفسير الوسيط للقرآن الكريم نویسنده : سيد محمد طنطاوي جلد : 1 صفحه : 397